تعيش ليبيا اليوم حالة الحكومتين المتنازعتين على الشرعية، بعدما فشلت الأطراف السياسية في البلاد في إجراء إنتخابات رئاسية أواخر العام الماضي لأسباب عديدة.
وقد أقر مجلس النواب الليبي في مدينة سرت، أمس، قانون الميزانية العامة للدولة لعام 2022 بقيمة تتجاوز 89 مليار دينار ليبي لصالح الحكومة المُكلفة حديثاً من مجلس النواب، التي يرأسها فتحي باشاغا.
في خطوة تعد تهميشاً لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة، والتي سحب البرلمان عنها الثقة سابقاً وأعلن أنها منتهية الصلاحية. في حين لا يزال الدبيبة متمسكاً بمنصبه وبحكومته ويرفض تسليمها إلا لسلطة نيابية جديدة ومنتخبة.
وفي غضون ذلك، تجدد تحرك الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، ما ينذر بمواجهات وشيكة، بعد تصريحات اعتبرت مستفزة ومثيرة للجدل، توعد خلالها عبد الحميد الدبيبة، بمواجهة القوات التابعة لمسؤول عسكري سابق، موالٍ لغريمه فتحي باشاغا.
وكان سكان ووسائل إعلام محلية، قد رصدوا تحرك رتل مسلح يتبع ميليشيات جهاز دعم الاستقرار، بقيادة غنيوة الككلي باتجاه طريق مطار العاصمة، تزامناً مع تحشيدات عسكرية بمنطقة الطويشة في طرابلس، تابعة لأسامة جويلي.
كما سمع دوي إطلاق نار متقطع، أول من أمس، في محيط المطار، ومناطق الطويشة والسواني والكريمية، مع تحليق لطيران مسير مجهول.
وتداولت تقارير في الأيام الأخيرة الماضية، أنباء عن إستجلاب تركيا لعناصر مسلحة جديدة تتضمن مرتزقة وعسكريين الى قاعدة الوطية الجوية، ترافقت بمعدات وأسلحة تضمنت صواريخ جافلين الأمريكية الصنع، بواسطة طائرات نقل عسكرية تركية وبريطانية.
في حين تقدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ يومين بطلب لرئاسة البرلمان التركي، لتمديد مهام قوات بلاده في ليبيا، لمدة 18 شهراً إضافياً.
حيث أشار أردوغان في مذكرة أحالها للبرلمان، إلى أن الجهود التي بدأتها ليبيا منذ 2011، لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سدى بسبب النزاعات المسلحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد.
وتزامنت هذه التطورات مع شن الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، للمرة الأولى، هجوماً حاداً على محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، حيث اتهمه بالحمق ومحاولة التدخل في عمل اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، التي تضم طرفي الصراع العسكري في البلاد، والتي بدأت، اجتماعاً في القاهرة لتوحيد المؤسسة العسكرية.
جميع هذه التطورات بنظر المراقبين تنبئ بحصول نزاع مسلح جديد بين الأطراف الليبية المتصارعة. في ظل تربص الأتراك والتحشيد الذي يجرونه مع حلفائهم الإنكليز، وبالطبع برعاية أمريكية.
فالولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تخفي مطامعها بالسيطرة على إنتاج النفط الليبي، خصوصاً بعد التصريحات العديدة والبرامج التي قدمها المبعوث الأمريكي الى ليبيا ريتشارد نورلاند الشهر الماضي، في محاولة منه لفرض أجندة النفط الأمريكية على الليبيين.
وبعد المعارضة الوطنية لهذه البرامج، بدأت تتضح معالم فرضها بالقوة على الليبيين عبر أدوات واشنطن التركية والبريطانية وغيرها في المنطقة. والخشية من أن الصراع المتصاعد في ليبيا سيشكل أرضاً خصبة لتنفيذ مخططات الغرب ونهب الوطن والمواطن الليبي.