تحاول ليبيا الخروج من مستنقع الفوضى السياسية التي تشهدها منذ عقد بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وطي صفحة سنوات من التخاصم بين كبرى مناطقها وتنازع السلطة والتدخلات الخارجية. خصوصاً بعد تأجيل الإنتخابات الرئاسية التي كان من المقرر عقدها في 24 من ديسمبر الماضي، إثر حوار سياسي طويل المدى بين الفرقاء.
ففي 22 ديسمبر اقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا تأجيل الانتخابات الرئاسية بُعيد إعلان لجنة متابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مجلس النواب الليبي “استحالة” إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها نظراً للظروف القاهرة.
بعدها دعا رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح إلى تشكيل حكومة جديدة في طرابلس معتبراً أن ولاية الحكومة الحالية انتهت مع إرجاء الانتخابات، بهدف السير نحو الانتخابات من جديد بحكومة جديدة تواكب التطورات. وأكد أنه تلقى رسالة تزكية من المجلس الأعلى للدولة تؤيد ترشح فتحي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة.
ومن ثم اختار مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيساً جديداً للحكومة خلفاً لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة بمعدل تصويت كبير. في حين جدد دبيبة التأكيد على أنه لن يسلّم السلطة إلا إلى حكومة منبثقة عن الانتخابات وأنه باقٍ على رأس عمله.
يُشار الى أن عقيلة صالح عيسى قويدر العبيدي، اسم تردد في الأوساط القضائية في ليبيا على الداوم، حتى وصل إلى منصب رئيس لأول مجلس نواب عرفته البلاد في تاريخها. وعُرف عن صالح سعيه الدائم الى الحوار ونزع فتيل التوتر والتصعيد بين الفرقاء الليبيين. كما أن زياراته ولقاءاته بمسؤولي دول الخارج تشيد بدوره البناء ونشاطه السياسي الموزون الرامي لإستعادة إستقرار البلاد وتوحيدها وإزدهارها.
حيث وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في عام 2020، خطاب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بالايجابي والحامل للمقترحات البناءة لإخراج ليبيا من الأزمة العسكرية. كما عبرت في أكثر من مناسبة بأن الأفكار التي يعرب عنها رئيس مجلس النواب الليبي يمكن أن تشكل أساس المناقشات السياسية في إطار عملية التسوية الليبية الشاملة.
ولاحقاً إتضح أن مقترح عقيلة صالح كان الأمثل للعودة إلى طاولة الحوار، حيث تم عقد ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي توصل إلى تاريخ إجراء الإنتخابات الرئاسية وتكوين حكومة مؤقتة الهدف منها ضمان إجراء الإنتخابات.
إن صالح يتلقى دعم وترحيب عدد كبير من الدول، ومن بينها روسيا، المؤمنة بأن قرارته تصب في مصلحة الشعب الليبي على خلاف السياسيين الآخرين. وترى هذه الدول بأنه الرجل الأجدر لقيادة خارطة الطريق التي تصل في نهايتها الى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يريدها الشعب الليبي حرة نزيهة وخالية من أي تواطؤ أو إنحياز.