نظمت مؤسسة رسالة السلام ندوة فكرية وإفطار مساء اليوم الثلاثاء بالرباط، تحت عنوان ( شرعة الله ومنهاجه).
حضرها عدد من الشخصيات الفكرية من بينها
١- رئيس جامعة الرباط
٢- عميد كلية العلوم القانونية بجامعة الرباط
٣- رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية
٤- الدكتور أحمد محمد لمين رئيس المركز الفرنسي للدراسات الاستراتيجية
٥- الحاج محمد لمين رئيس مكتب رسالة الإسلام باسبانيا
٦- الدكتور اماي الخليل مدير جمعية رسالة السلام بالمغرب
وعدد من الشخصيات الفكرية
وحاضر في الندوة كل من :
- عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية .
- الدكتور اماي الخليل رئيس جمعية رسالة السلام بالمغرب .
- الدكتور احمد محمد الأمين رئيس المركز الفرنسي الأفريقي للدراسات.
- الاستاذ حي معاوية حسن رئيس مركز رسالة السلام موريتانيا
- وبعد العروض فتح المجال للمداخلات والاستفسارات.
وألقى رئيس مركز رسالة السلام حي معاوية حسن الكلمة التالية في افتتاح الندوة:
أيها الإخوة والأخوات..
أتمنى لكم صوما مقبولا وعملا متقبلا، وأرحب بكم على مائدة الإفطار في ضيافة مؤسسة رسالة الإسلام للدراسات والبحوث الإسلامية.
وكلمتي سوف تتناول قراءة في كتاب صدر حديثا للمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي تحت عنوان “شرعة الله ومنهاجه” عن دار رسالة السلام.
ويستهل المفكر كتابه بالحديث عن خطاب الله سبحانه لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في الذكر الحكيم عند تكليفه بحمل رسالته للناس جميعا بقوله تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) (الزخرف: 44-43).
ما الذي سيسأل الله عنه الإنسان يوم الحساب؟ هل سيكون السؤال ماذا تعرف عن خلق السماوات والأرض؟ أم كيف خلق الله الإنسان؟ أم كيف كان تاريخ السابقين؟
والعبر التي يستفيد منها الإنسان أو ما علمه الله من مشاهد يوم القيامة؛ أو دوران الشمس والقمر وعلوم الفلك؛ أو حركة الكواكب والمحيطات والبحار؛ وما تحويه من نعم الله من لآلئ وأسماك ومرجان؛ أو عما تحدثت عنه آيات القرآن عن مشيئة لله وقدرته في عقابه ورحمته؛ وعن عفوه وغضبه أو ما أخبر عنه القرآن من أخبار الأمم التي سادت ثم بادت؛ كما ذكر عن الأنبياء والمرسلين من نوح حتى خاتم النبيين محمد الأمين؛ أم ما تحدثت به الآيات عن محاسبة الكافرين وجزاء المؤمنين من جنات النعيم؛ وما تحدث عنه القرآن عن صبر الأنبياء وجزاء الصابرين؛ وما بيّن عن رزقه ونعمه للناس أجمعين, وما أخبر القرآن عن مواقف المنافقين وحسابهم يوم الدين؛ وما تحدث به عن الظالمين وحذر الطغاة والمجرمين من عذابهم في الجحيم وما أخبر به الذكر الحكيم عن الصراع بين الخير والشر ودعوة الناس للعمل والتعمير وحماية الآمنين؛ وحذر الله الناس من التنازع بينهم حتى لا يكونوا فاشلين؛ وتحدث عن العدل والرحمة ونشر السلام بين الناس أجمعين.
وتحدث القرآن أيضاً عن زينة الحياة وغرورها.
وعن مشاهد يوم القيامة يعرّف الله سبحانه الناس علاماتها؛ ويبين لهم معالم الكون وخلقه للإنسان وحياته في الدنيا يدعوه للإيمان بوحدانية الله واتباع آياته؛ وما يبلغه رسوله الأمين للناس أجمعين؛ وما يبشر به المؤمنين من خير عظيم؛ وما ينتظر الكافرين من عذاب أليم؛ فرسم للإنسان خارطة الطريق بنور كتابه ليتبعه ويطبقه في عبادته ويلتزم بعهده مع الله أن يطيعه ويتبع رسوله الأمين في تعامله مع الناس دون تفريق لعقيدة أو مذهب أو دين؛ وعلَّم الله الإنسان ما لم يعلم وبين له طريق الحق وطريق الباطل ليحصّنه من الوقوع في المعاصي والذنب العظيم.
القرآن خارطة طريق للهداية والنجاة
والانصراف عن الالتزام بتنفيذ أوامره في شريعته وعدم تطبيق منهاجه في معاملاته في حياته؛ يجعله من زمرة المجرمين؛ ويساق إلى جهنم ونار الجحيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية، فقد ألقى الكلمة التالية:
في البداية أشكر مؤسسة رسالة السلام على هذه الدعوة الكريمة للحديث عن المنجز الفكري للأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، والذي يشكل علامة فارقة في الفكر التجديدي الرامي إلى إعادة الأمة لجادة القرآن الكريم، من حيث هو نبراس الامة وصمام أمانها وسعادتها.
وسوف أتناول الليلة خطر المذهبية والطائفية في فكر الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي.
يقول المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي إن الإسلام لا يعرف المذهبية ولا الطائفية إنما هو دين واحد ورسول واحد أرسله الله للناس جميعا ليرشدهم إلى طريق الخير والصلاح، قال تعالي (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ، ويؤكد (الشرفاء ) أن المذاهب والفرق والطوائف المختلفة نشأت من أجل أهداف سياسية ومطامع دنيوية لا علاقة لها بالإسلام، موضحا أن الله قد منح كل إنسان الحرية في اختيار عقيدته ودينه قال تعالي (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة الآية (256)..
واسترشادا بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) وقوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ) (آل عمران :19) وقوله تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران :85) فليس في الإسلام مذاهب أو طوائف أو فرق أنما دين واحد ورسول واحد أرسله الله للناس جميعا ليهديهم إلى طريق الخير والصلاح .
ويرى الشرفاء أن تلك المذاهب والطوائف المختلفة نشأت لأغراض سياسية ومطامع دنيوية لا علاقة لها بالإسلام فالله يدعو المسلمين للوحدة خلف كتابه المبين حيث يقول سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (آل عمران: 103) فهل أطاع المسلمون أمر الله؟ أم اتخذوا من شيوخهم وعلمائهم مراجع مستقلة وكل له منهجه الخاص بطائفته؟ وتفرق المسلمون بين فرق وطوائف يقتلون بعضهم البعض واستغل أعداءهم تلك الأوضاع لإثارة الفتن بينهم ومحاولاتهم للقضاء على رسالة الإسلام رسالة السلام والرحمة والحريّة والعدل لكل الناس فلا إقصاء فيها و لا كراهية تدعو لها ولا أحكام تصدرها على الناس بالتكفير والردة إنما حساب الناس جميعا عند الله يوم القيامة والله على كل شيء شهيد .
ويركز الأستاذ على أن الله سبحانه منح كل إنسان الحرية في اختيار عقيدته ودينه، وقد أمر الله المسلمين بأن يتبعوا كتابه ويؤمنوا بما أنزل على رسوله من آيات بينات حيث يقول سبحانه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3) وقوله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أولئك أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: 257) وقوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) (النساء: 61).
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما الأستاذ أحمد ولد محمد الأمين فقد ألقى الكلمة التالية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تقبل الله صيامنا وصيامكم، وأعاد الله علينا بركات شهر القرآن مرارا وتكرارا في صحة وعافية.
كلمتي ستتناول رؤية الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي للصوم ورسائل شهر رمضان وعلاقة شهر رمضان بالقرآن الكريم.
ويؤكد المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي أن صيام شهر رمضان وسيلةٌ تهدف إلى غايةٍ مهمةٍ وهي التقوى، ويوضح الكاتب أن التقوى هي أداء تكاليف الله – عز وجل – كما أمر، والبعد عن المعاصي والظلم والبغي، وأن يكون الإنسان متعاونًا على البر والتقوى، وفي رمضان لا بد من أن نتوسع في أعمال الخير، ونجاهد أنفسنا ونكبح جماحها.
وطالب المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي المسلمين بأن يغتنموا شهر رمضان، ويعودوا إلى القرآن قراءةً وتدبرًا، فالقرآن الكريم يتضمن خارطةً كاملةً وشاملةً لجميع أمور الحياة.. إلى التفاصيل..
ويؤكد أن صيام شهر رمضان وسيلةٌ فقط تهدف إلى الوصول إلى غاية منشودة وهي التقوى، وهذا واضحٌ في قول الله – عز وجل – “يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183).
ويفصل الأستاذ في تعريف التقوى بأنها هي أداء تكاليف العبادات كما أمر الله، والخوف منه يوم الحساب الذي يمنعه من ارتكاب أنواع المعاصي كافة، وكفُّ الأذى والعدوان والبعد عن الظلم والبغي والتقرب إلى الله بتلاوة القرآن والتدبر في آياته واتباع ما أنزل الله واجتناب ما حرمه، قال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2).
فالله – عز وجل – يأمر المسلمين بالتوسع في أعمال الخير والإحسان والتعاون في سبل الخير كافة والإصلاح بين الناس والتكافل في مساعدة المحتاجين ورفع الضرر عن المظلومين والامتناع كليًّا عن مساعدة الظالمين، وإعانة المعتدين، واتباع سبل العدل والدفاع عن الحقوق.
ويؤكد على ضرورة ارتباط المسلمين بالقرآن الكريم في رمضان وغير رمضان، نظرا لعواقب هجر القرآن الوخيمة في الدنيا والآخرة.
أشكركم على المتابعة وأتمنى لكم أوقاتا سعيدة ورمضانا مباركا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما الأستاذ الحاج ولد محمد الأمين فقد القى الكلمة التالية:
السلام عليكم ورحمة الله سأتحدث في هذه الكلمة الإخوة الحضور عن رؤية المفكر الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي لحقوق المرأة ووضعيتها انطلاقا من القرآن الكريم.
وهي الرؤية التي تجد منطلقها الأساس في قوله تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء :1).
حيث تعتبر هذه الآية الكريمة حقيقة أزلية، أن الله خلق الذكر والأنثى في مرتبة واحدة وحدد لكل منهما مسؤوليته في الحياة. فجعل الذكر قوّامًا على الأنثى، كلَّفه بحمل مسؤولية الرعاية والحماية وتأمين متطلبات الأنثى من احتياجاتها الحياتية لها ولأطفالها الذين هُم من صلبه.
وحمَّل الله الأنثى مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الذكر، تبدأ بالحمل والوضع للأطفال والعناية بتربيتهم وتمريضهم وإطعامهم والسهر على راحتهم، إضافة إلى تلك المسؤولية العظيمة وما فيها من معاناة وما تمر به الأنثى أثناء الحمل من آلام وما تتحمله من صبر حتى تضع طفلها، وتبدأ معاناة أخرى تتمثل في إطعامه وتربيته والسهر على راحته، وبالإضافة لذلك كلفها الخالق أن تكون سكنًا لزوجها وأن تسهر على راحته وتعتني به في مرضه.
ولو قارنّا حجم المسؤولية الملقاة على الأنثى، لنجدها أضعاف مسؤولية الرجل المحددة في جلب الرزق والصرف على الشؤون المنزلية ومتطلبات الأسرة، مع فارق المسؤولية بينهما، وبالرغم من ذلك نجد الذكور طغوا على حق المرأة في تشريعاتهم وفيما ابتدعوه من فقه ظالم صادرَ حق المرأة بالكامل واعتبرها مجرد متعة للرجل وخادمة في البيت ومربية لأطفاله وله الحق أن يطردها من بيته وقتما يشاء بكلمة (طالق) دون حقوق لها.
أكثر من 70 آية في القرآن تحمي المرأة
ولو تدبرنا في القرآن الكريم لوجدنا العدد الكبير من الآيات تتعلق بحقوق المرأة والتي تجاوزت سبعون آية، تتضمن تشريعات وأحكام وعظات لحماية المرأة من أي تعسف في معاملتها من قِبَل الزوج، بالرغم مما تتحمله من مسؤولية جليلة من حمل ورضاعة وتربية وسهر، علاوة على مسؤولية البيت حيث تصبح مسؤولياتها ثلاثة أضعاف مسؤولية الرجل.
الخلاصة أن القرآن عرض الكثير من التشريعات الخاصة بها في أكثر من سورة، وهي (سورة النساء وسورة الطلاق)، وتضمنت سورة البقرة وسورة المائدة وسورة النور وسورة المجادلة وسورة الممتحنة وسورة التحريم الكثير من الآيات الخاصة بالمرأة أيضًا.
وشملت هذه الآيات تشريعا شاملا في قضايا النساء: الأحوال الشخصية، شرف المرأة، الحضانة، القوامة، التركة، النفقة، الطلاق.. إلخ..
ولو أن الأمم استفادت من التشريع القرآني في ميدان حقوق المرأة لانتفى ظلم المرأة إلى الأبد.
أشكركم على الاستماع، وأتمنى بكم صوما مقبولا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وشهدت الندوة حضورا كبيرا للمفكرين المغاربة والطلاب الجامعيين الذين عبروا عن إعجابهم بالرؤى التجديدية للمفكر علي محمد الشرفاء الحمادي.