د.مصطفى الزائدي: المؤتمر لم يصدر عنه أي قرارات أو حتى توافقات.. فقط مجرد كلام لن يفيد الليبيين
علي السعيدي الفايدي : التدخلات الخارجية هي ما صنعت الأزمة في البلاد
تقرير – محمد فتحي الشريف
في ظل استمرار تفاعل المجتمع الدولي غير المثمر تجاه حل الأزمة الليبية، عقد الخميس الماضي في طرابلس مؤتمر “دعم استقرار ليبيا” والذي تمت الدعوة إليه في وقت سابق من السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا المجلس الرئاسي والحكومة، إذ صاحب انعقاد هذا المؤتمر جدل كبير حول النتائج التي سوف يسفر عنها المؤتمر والتوصيات، وكانت أغلب الأطروحات الإعلامية تؤكد أن البيان الختامي سوف يتضمن مفاجأة جديدة ويأتي بأطر مناسبة لحل الأزمة الليبية والذهاب إلى الانتخابات في 24 ديسمبر دون عراقيل، في حين أكد فريق من المتابعين والمحللين للمشهد السياسي أن المؤتمر كلام مكرر وغير مؤثر ولن يسفر عن جديد، وهو حلقة من مسلسل التعاطي السلبي من المجتمع الدولي للأزمة في ليبيا، وانتهت فعاليات المؤتمر لتؤكد على الرؤية الأخيرة، إذ ظهرت الخلافات بشكل واضح بين الدول التي تدعم استقرار ليبيا بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من جانب وبين تركيا التي تصر على تواجد قواتها على الأراضي الليبية ورفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1970 والقرارين رقم 2570 و2571، ومخرجات مؤتمري برلين (1) و(2)، وخارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، وهو الأمر الذي دفع الحضور إلى عدم التوافق على بيان ختامي والاكتفاء بعقد مؤتمر صحفي لوزيرة الخارجية للإعلان عن 9 نقاط تم التوافق عليها.
أهداف المؤتمر قبل الانعقاد
قبل انعقاد المؤتمر بعدة أيام أكدت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش في عدة إفادات صحفية أن هدف المؤتمر هو دعم ومساندة السلطات في تنفيذ ومعالجة المشاكل الأمنية والعسكرية والاقتصادية، واقتراح تشكيل مجموعة عمل دولية من المشاركين في مؤتمر برلين (2) على مستوى وزراء الخارجية يتم عقد اجتماعات لتلك المجموعة بشكل دوري بناء على طلب وزيرة خارجية ليبيا لمناقشة العراقيل التي تواجه المسار السياسي.
كلام مكرر وتنفيذ منعدم
على الرغم من أن كلام الوزيرة مكرر ومطاطي وتم طرحه في كل المؤتمرات التي عقدت حول حل الأزمة في ليبيا بداية من مؤتمر باريس ثم باليرمو وأخيرا برلين الأول والثاني، كنا نتوقع تفعيل أي آليات لحل المشكلة الأمنية والاقتصادية بشكل جدي من خلال خطة يتم إعلانها والتوافق عليها لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية وتفكيك الميليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية ومنع التدخلات الخارجية وخاصة التركية والقطرية والأوروبية السلبية.
بيان صحفي ختامي هزيل
كل المتابعين للأزمة الليبية كانوا يعولون على خروج مؤتمر دعم الاستقرار ببيان ختامي قوى يساهم في تنفيذ ما طرح في برلين، خاصة أن القرارات الدولية تؤكد على خروج المرتزقة ومنع التدخلات الدولية، إلا أن ما حدث خيب آمال الجميع، فخرجت وزيرة الخارجية ببيان صحفي هزيل لم يأت بجديد، بل أكدت على وجود خلافات بين الدول المتداخلة في الأزمة الليبية.
البيان الختامي لمؤتمر دعم استقرار ليبيا
ألقت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بيانا صحافيا في ختام مؤتمر دعم استقرار ليبيا جاء فيه:
“تشرفنا اليوم في ليبيا بحضور ممثلين رفيعي المستوى عن الحكومات المشاركة في المؤتمر الوزاري حول مبادرة استقرار ليبيا”.
حيث تم التأكيد على النقاط التالية:
1- الالتزام الدائم والثابت والقوي لحكومة الوحدة الوطنية بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية، ورفضها القاطع للتدخلات الأجنبية في الشؤون الليبية، وإدانتها محاولات خرق حظر السلاح وإثارة الفوضى في ليبيا.
2- التزام الحكومة التام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا بدءًا من القرار 1970 والقرارات اللاحـقة، ولاسيما قرارا مجلـس الأمـن 2570 و2571، ومخرجات مؤتمري برلين (1) و(2)، وخارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، ودعوة الجميع لتنفيذ هذه القرارات.
3- ترحيب الحكومة الليبية بعودة سفارات الدول للعمل من داخل العاصمة الليبية طرابلس، ودعوة باقي الدول لعودة عمل سفارتها من داخل العاصمة طرابلس.
4- الإشادة بالدور المحوري للأمم المتحدة في دعم الاستقرار في ليبيا، وكذلك جهود كل من الاتحاد الأفريقي ولجنته رفيعة المستوى لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، واللجنة الرباعية، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ودول الجوار الليبي في هذا الإطار.
5- أهمية اتخاذ التدابير اللازمة والاستحقاقات لبناء الثقة، وخلق بيئة مناسبة من أجل عقد الانتخابات الوطنية بشكل نزيه وشفاف وجامع في 24 ديسمبر 2021.
6- إن إنهاء النزاع وتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، هو أساس لإحلال السلام وبناء الدولة، وركيزة للتعايش السلمي، ودافع لعجلة الاقتصاد والتنمية.
7- عزم الحكومة الليبية الأخذ بزمام المبادرة في إطار قيادة الجهود الدولية لإنهاء الأزمة في ليبيا، وأن إطلاقها مبادرة دعم استقرار ليبيا يأتي كخطوة في إطار تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ومخرجات مؤتمري برلين حول ليبيا.
8- دعم الحكومة الليبية للجهود المبذولة من قبل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، وخطة العمل التي تم إقرارها في الجولة الثالثة عشرة لأعمال اللجنة التي عقدت بجنيف خلال الفترة من 6 إلى 8 أكتوبر 2021.
9- احترام السلطات الليبية التزاماتها وتعهداتها الدولية، واحترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في إطار حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتعاون السلطات الليبية مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وتسهيل مهامها.
إلى ذلك استطلع مركز دراسات مصر ليبيا آراء بعض الأطياف السياسية المختلفة في نتائج المؤتمر
الزائدي: المؤتمر لم يصدر عنه أي قرارات أو حتى توافقات.. فقط مجرد كلام لن يفيد الليبيين
في البداية قال الدكتور مصطفى الزائدي، رئيس حزب الحركة الوطنية الليبية، إن مؤتمر دعم الاستقرار الذي عقد في العاصمة طرابلس، هو مجرد تكرار للقاءات دولية سابقة عنيت بليبيا، واصفا اللقاء بأنه مجرد دعاية انتخابية لبعض الأطراف، ومن إنتاج شركات العلاقات العامة.
وتابع في تصريحات له إن المؤتمر لم يصدر عنه لا قرارات ولا حتى توافقات، فقط مجرد كلام لن يفيد الليبيين الذين يطمحون لعقد الانتخابات في موعدها، والآن نحن على بعد 60 يوما فقط من موعد الانتخابات ولا توجد أي مؤشرات على الأرض، إلا من قوانين الانتخابات التي أخرجها البرلمان وتواجه اعتراضات بعض الأطراف.
وأضاف إن ما صدر عن المؤتمر هو مجرد بيان صحفي، وقيل حسب بعض المصادر إن المؤتمر شهد خلافات حادة، بشأن البيان الختامي، وفي تحليل الكثيرين وأنا منهم كان المؤتمر محاولة للبحث عن تبريرات لتأجيل الانتخابات.
وأوضح أنه من المثير للاستغراب في هذا المؤتمر أن القوى الأجنبية التي شاركت في المؤتمر كانوا يتحدثون عن التدخل الأجنبي في ليبيا.
وردا على سؤال اعتبار تنظيم المؤتمر في العاصمة تأكيدا على عودة الأمن والاستقرار، قال الزائدي إن هذا من الدعايات التي روج لها القائمون على المؤتمر، فليس بالصعب أن تفرض إجراءات أمنية مشددة في منطقة محددة، فهذا لا يعني أبدا أن البلد كله مستقر، هذه مظاهر خادعة ولا يجب أن تنسينا الواقع الذي حدث لبلادنا.
وأضاف إن ما حصل في البلاد منذ البداية سببه الأول التدخل الأجنبي، والتكالب الدولي على ليبيا.
السعيدي: التدخلات الخارجية هي ما صنعت الأزمة في البلاد
في السياق ذاته قال النائب علي السعيدي عضو مجلس النواب، إن مؤتمر دعم استقرار ليبيا، لم يحقق المطلوب وكان استكمالا للمشهد الهزلي الذي يعالج به المجتمع الدولي الأزمة في ليبيا، إذ إن المشكلة في ليبيا من الأساس مشكلة تدخلات دولية أفرزت تمكينا للمجموعات المسلحة والمتطرفين.
وأضاف السعيدي، إن من أغرق البلاد بالأسلحة والمرتزقة يجلس على المائدة ويناقش الحلول وهذا قمة العبث، فالتدخلات الخارجية هي التي أغرقت ليبيا بالأسلحة والمرتزقة وغذت الفرقة والانقسام وحولت المؤسسات الليبية في الغرب إلى كيانات تتبع أنقرة.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن المعالجات الأمنية للجنة العسكرية (5+5) غير مكتملة، وذلك نظرا لعدم وجود معلومات كافية عن إعداد المرتزقة وأماكن تواجدهم، وتبقى تركيا متواجدة في المشهد من خلال هؤلاء الذين يمثلون أنصار جماعة الإخوان في ليبيا.
وتابع “السعيدي” إن المؤتمر من وجهة نظر المنظمين يهدف إلى استخلاص قرار دولي جديد للضغط على الأطراف الليبية حتى يتم الذهاب إلى الانتخابات، وهذا لم يحدث ولم يتحقق، إذ روج المؤتمر للحكومة الحالية التي صدرت مشهد أن العاصمة آمنة وأن الحكومة حققت إنجازات.
الزبيدي: المؤتمر أثبت فشل المجتمع الدولي في معالجة الأزمة في ليبيا
يرى الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي في الجامعات الليبية، أن مؤتمر دعم الاستقرار الذي عقد في طرابلس، أظهر فشل المجتمع الدولي في حل الأزمة في ليبيا، فهذا المؤتمر لم يأت بجديد، حتى أن المجتمعين فشلوا في التوافق على إصدار بيان ختامي مثل ما حدث في برلين (2)، وهذا بسبب الخلاف حول خروج القوات الأجنبية التي تصر تركيا على بقائها، حتى أن نقل كلمات الوفود المشاركة على الهواء شابها تعتيم مقصود من القائمين على المؤتمر وخاصة كلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي تحدث عن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة بشكل واضح وكذلك كلمة وزير الخارجية التونسي.
وقال الزبيدي لـ”مركز دراسات مصر ليبيا ” إن مخطط الإخوان في عرقلة الانتخابات مستمر منذ فترة، حتى أن الطعون على القوانين المنظمة والمواد الدستورية أمر مثير للريبة والشك، فالتعديل الدستوري المنظم للعملية الانتخابية في ليبيا والتي تم الطعن على المادة الـ(11) منها والتي تخص انتخاب مجلس النواب تؤكد صحة باقي مواد القانون، لأنهم أسقطوا المادة ولم يسقطوا القانون، ولذلك يظل استخدام الإخوان لبعض المؤسسات ومنها المحكمة العليا أمرا مريبا.
وأكد أستاذ القانون الدولي، أن التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية هي ما أحدثت المشهد الحالي، وأسست لتواجد المسلحين والمتطرفين بشكل قوي تعجز أي قوة أمنية على التخلص منه لأن المجموعات لديها أجندات خارجية مختلفة ومصالح متضاربة.
وأضاف الزبيدي، إن إجراء الانتخابات في ظل هذا المشهد أمر صعب للغاية، وفي حال انعقادها سوف تكون هناك تدخلات وخروقات ومناوشات لن تكون في صالح القوى الوطنية وسوف تؤدي إلى تعقيد المشهد والعودة للمربع صفر.