أصدر مجلس النواب خلال جلسته التي عقدت في مقره بمدينة بنغازي، تسع قررات كان أبرزها التصويت بالإجماع على تكليف عبدالله أبورزيزة رئيسا للمحكمة العليا، إلى جانب إلزام رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا بمباشرة الحكومة عملها فورا واستدعائه لعرض ما توصلت إليه الحكومة والمعوقات التي تعترضها للمساهمة في تذليلها، وفق ما أعلن في بيان، الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق.
وطبقا لوسائل الاعلام الليبية ان هذه القرارات جاءت بحسب مراقبين، سعيًا من رئيس المجلس، المستشار عقيلة صالح، لتفادي أزمات مستقبلية، من شأنها ان تؤثر على نفوذه وعلى قرارات مجلسه، فرئيس الدائرة الدستورية العليا السابق، يعتبر من الموالين لحكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي ما انفك يحقق نجاحات في كل اشتباك سواء سياسي أو عسكري مع فتحي باشاغا، المعين من قبل رئيس مجلس النواب نفسه.
كما تجدر الإشارة إلى المخاوف التي أبداها عدد من المراقبين والمحللين السياسيين بشأن زيارة صالح، إلى العاصمة القطرية بعد سنوات من القطيعة بين قطر والمعسكر السياسي والعسكري في الشرق الليبي.
فبعد أسابيع قليلة من زيارته إلى تركيا، حط رئيس مجلس النواب رحاله في العاصمة القطرية الدوحة لإجراء مباحثات مع المسؤولين القطريين، تناولت ملف الأزمة السياسية في ليبيا ودور قطر في دعم المسار التفاوضي، بعد أن كانت لسنوات طرفاً فاعلاً في دعم أطراف سياسية بارزة في النزاع الليبي.
لتحظى زيارة صالح إلى الدوحة باهتمام كبير في ليبيا لأنها الأولى من نوعها لمسؤول سياسي من الشرق إلى قطر منذ عام 2012، ما يؤشر إلى طي صفحة الخلافات العميقة بين الطرفين، خصوصاً أن نجل قائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر، كان ضمن الوفد الليبي في هذه الزيارة.
ورأى المراقبون أن هذه الزيارة الاستثنائية، تفتح الأبواب على تحالفات جديدة وسيناريوهات من شأنها إطالة أمد الأزمة، وتأجيل إجراء الإنتخابات لفترة أطول من اللازم. حيث قال المحلل السياسي محمد الباروني لوكالة الانباء الليبية: “صالح وقع في مأزق منذ فشل الإنتخابات في ديسمبر الماضي، فقد كان كل شيء تحت السيطرة، والانتخابات التي كانت في صفه اصبحت بعيدة كل البعد عن ذلك”.
وأضاف الباروني: “الدائرة الدستورية العليا محسوبة على معسكر الدبيبة، وتستطيع تقديم الطعون على قرارات صالح، وإلغائها، الأمر الذي يحجم نفوذه بشكل كبير، وينهي احتكاره للقرارات والقوانين التي من خلالها يمكنه إيصال حليفه إلى السلطة، لذلك سعى لتغيير رئيسها”.
ومن جانبه أشار المحلل السياسي محمد الأحمد في تصريحات لوكالة الانباء الليبية إلى أن صالح لن يرضى بالاستسلام بسهولة، فإما انتخابات رئاسية وبرلمانية على مقاسه، وإما فوضى سياسية وحتى عسكرية لتجنب إجرائها، وهو بالفعل ما يحدث الآن، وأكبر دليل على ذلك سعيه الحثيث على تنحية رئيس حكومة الوحدة عن منصبه وتسليم تابعه “باشاغا” العاصمة والسلطة، بينما كان يستطيع الاكتفاء بما هو موجود بدلاً من صراع سياسي جديد لا طائل له.
وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن صالح قد أكد أنه تم الإتفاق على إلزام رئيس حكومة الإستقرار، فتحي باشاغا، مباشرة عمله واستدعائه للجلسة القادمة لتقديم ما يتعرض له من صعوبات ومعوقات، هذه التصريحات اعتبرت بأنها بداية تشكيل حكومة موازية ومثلت ضوءًا أخضرًا لتحقيق انقسام مؤسساتي جديد، ما يصعب بدوره من عملية إجراء الانتخابات، وهو ما كان مخطط له مسبقًا.