أقالت أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، حكام خمس مناطق تقع في ساحات القتال مع روسيا إلى جانب مسؤولين كبار آخرين في أكبر تغيير لقيادتها في وقت الحرب منذ الحرب الروسية على أراضيها العام الماضي.
من جهة أخرى، تسلمت برلين، اليوم الثلاثاء، طلباً رسمياً من بولندا للسماح لها بإرسال دبابات ثقيلة ألمانية الصنع إلى أوكرانيا.
وشملت قرارات الإقالة أو الاستقالة أكثر من عشرة من كبار المسؤولين الأوكرانيين أبرزهم حكام مناطق كييف وسومي ودنيبروبتروفسك وخيرسون وزابوريجيا. ودارت معارك رئيسية بين روسيا وأوكرانيا في المناطق الخمس خلال العام الماضي، مما أعطى حكامها مكانة وطنية مرموقة غير عادية.
ومن بين الذين غادروا مناصبهم نائب وزير الدفاع ونائب المدعي العام ونائب رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ونائبي وزير مسؤولين عن التنمية الإقليمية.
وارتبطت أسماء بعض هؤلاء المسؤولين بادعاءات تفيد بتورطهم في قضايا فساد.
وتمتلك أوكرانيا سجلاً من قضايا الفساد والحكم الهش وتتعرض لضغوط دولية لإظهار أنها تستحق المساعدات الغربية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وقال زيلينسكي في خطابه الليلي المصور، أمس الاثنين، “هناك بالفعل قرارات تتعلق بالمناصب، بعضها اليوم والبعض الآخر غداً، تتعلق بمسؤولين على مختلف المستويات في الوزارات والهياكل الحكومية المركزية الأخرى، وكذلك في المناطق وفي منظومة إنفاذ القانون”.
وقال ميخايلو بودولياك، أحد كبار مستشاري زيلينسكي “الرئيس يرى المجتمع ويسمعه. وهو يستجيب مباشرة لمطلب عام رئيسي، العدالة للجميع”.
وجاءت حملة التغيير بعد يومين من اعتقال نائب لوزير البنية التحتية الأوكراني على إثر اتهامه بتلقي 400 ألف دولار من أموال العقود المخصصة لشراء مولدات في واحدة من أولى فضائح الفساد الكبرى التي تم الكشف عنها منذ بدء الحرب قبل 11 شهرا.
وقالت وزارة الدفاع إن نائب وزير الدفاع فياتشيسلاف شابوفالوف، المسؤول عن تزويد القوات بإمدادات الغذاء قدم استقالته للحفاظ على الثقة بالوزارة، بعد ما وصفته باتهامات إعلامية لا أساس لها تتعلق بالفساد.
وجاء ذلك في أعقاب نشر تقرير صحافي أفاد بأن الوزارة دفعت أموالاً مبالغاً فيها لتزويد القوات بالغذاء، وهو ما نفته الوزارة.
ولم يذكر مكتب المدعي العام سبب إقالة نائبه أوليكسي سيمونينكو الذي انتقدته وسائل الإعلام الأوكرانية لقضائه عطلة في إسبانيا.
وعلى الرغم من أن زيلينسكي لم يذكر أسماء أي مسؤولين في خطابه، فقد أعلن عن حظر جديد على قضاء المسؤولين عطلاتهم في الخارج.
وأعلن كيريلو تيموشينكو، نائب مدير مكتب الرئيس، تقديم استقالته من منصبه، دون أن يوضح سبب الاستقالة.
وتمثل هذه التغييرات حدثا نادراً في القيادة الأوكرانية التي تشهد حالة من الاستقرار في وقت الحرب.
وبعيداً عن إقالة رئيس جهاز أمن الدولة الأوكراني في يوليو، ظل زيلينسكي معتمداً في الغالب على فريقه المكون من زملائه السياسيين المبتدئين الذين جلبهم الممثل التلفزيوني السابق إلى السلطة بعد فوزه الساحق في الانتخابات عام 2019.
يبدو أن إعلان بولندا أنها طلبت رسميا إذن برلين لتصدير دبابات ألمانية الصنع إلى أوكرانيا ضيق الخناق على المستشار الألماني أولاف شولتس في إرجاء القرار فيما يتعلق بما أصبح الجدل الرئيسي بين الحلفاء حول الطريقة المثلى لدعم كييف.
وقال رئيس وزراء بولندا ماتيوش مورافيتسكي، في مؤتمر صحفي “آمل أن يأتي هذا الرد من ألمانيا بسرعة، لأن الألمان يماطلون ويراوغون ويتصرفون بطريقة عصية على الفهم. يمكننا أن نرى أنهم لا يريدون مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها بشكل أوسع”.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية “”سنتعامل مع الإجراءات بالسرعة التي تستحقها”.
وناشدت كييف لأشهر إرسال الدبابات الغربية، التي تقول إنها بحاجة ماسة إليها لمنح قواتها القوة المدفعية والقدرة على التنقل لاختراق خطوط الدفاع الروسية واستعادة الأراضي المحتلة.
ويُنظر إلى دبابات ليوبارد الألمانية، التي تستخدمها جيوش كثيرة في أنحاء أوروبا، على نطاق واسع على أنها الخيار الأمثل، فهي متاحة بأعداد كبيرة وسهلة النشر والصيانة. ولكن برلين قاومت حتى الآن الضغوط للتعهد بإرسال أي من دباباتها من طراز ليوبارد، وقالت حتى الآن إن الحلفاء لم يطلبوا بعد بشكل رسمي الإذن بإرسال دباباتهم الخاصة.
وكتب وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتاك عبر تويتر “تلقى الألمان بالفعل طلبنا للسماح بنقل دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا”.
وأضاف “أناشد أيضا الجانب الألماني الانضمام إلى الدول المساندة لأوكرانيا بدبابات ليوبارد 2. هذه قضيتنا المشتركة، لأن أمن أوروبا بأكملها على المحك!”
وقال رئيس أركان الجيش الألماني إن إرسال الدبابات من عدمه قرار سياسي. وقال مسؤول كبير إن القرار في نهاية المطاف بيد شولتس وحكومته.
وقال توبياس ليندنر وزير الدولة في الخارجية الألمانية في مؤتمر للدفاع من تنظيم صحيفة هاندلسبلات في برلين “في نهاية المطاف، سيُتخذ القرار بشكل جلي بالمستشارية، وستتخذه الحكومة بشكل جماعي”.
*”الربيع سيكون حاسما”
تجمدت خطوط المواجهة في الحرب بشكل كبير منذ شهرين، على الرغم من الخسائر الفادحة لدى الطرفين. ويُعتقد على نطاق واسع أن روسيا وأوكرانيا تخططان لهجمات في الأشهر المقبلة.
وتعهدت الدول الغربية بدعم عسكري بمليارات الدولارات الأسبوع الماضي، ولكنها لم ترد حتى الآن على طلب كييف مئات الدبابات القتالية الثقيلة، في انتظار قرار من ألمانيا بشأن مصير دباباتها طراز ليوبارد.
وقال مسؤول أوكراني إن الربيع والصيف المقبلين سيكونان حاسمين.
وقال فاديم سكيبيتسكي نائب مدير المخابرات العسكرية الأوكرانية في مقابلة مع موقع ديلفي الإخباري إنه “إذا فشل الهجوم الروسي الكبير المخطط لهذه المرة، فسيكون هذا دمار روسيا وبوتين”.