تصدت قوات الجيش السوداني، أمس، لموجات من هجمات قوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على مقر القيادة العامة للجيش، وبينما عطل فشل وقف لإطلاق النار بوساطة دولية جهود إجلاء الرعايا الأجانب والسكان العالقين في العاصمة، دعت بعثات دبلوماسية في السودان القوات المتحاربة إلى وقف إطلاق النار والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية المدنيين والدبلوماسيين وموظفي الإغاثة الإنسانية.
وتفصيلاً تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لليوم الخامس بعد انهيار هدنة تم التوصل إليها بوساطة دولية، وليرتفع عدد القتلى، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، إلى 300 قتيل على الأقل منذ تفجر الصراع صباح السبت الماضي.
وهز إطلاق النار المتواصل وقذائف المدفعية والغارات الجوية العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان. وأفاد عدد من سكان العاصمة بوقوع اشتباكات حول مقر قيادة الجيش والمناطق المتاخمة لمطار الخرطوم.
وذكر سكان عدد من أحياء الخرطوم لـ«أسوشيتدبرس» أنهم شاهدوا مئات، بينهم نساء وأطفال، وهم يحملون أمتعتهم ويرحلون، بعضهم سيراً على الأقدام، وآخرون مكدسين في حافلات.
وتعرضت العاصمة السودانية لغارات جوية متعددة، في وقت مبكر صباح أمس، بعد فشل وقف لإطلاق النار مقترح. وذكر سكان أن الأهداف في الخرطوم شملت مقر الجيش ومكاتب قوات الدعم السريع وحي العمارات، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، إن 300 شخص على الأقل قتلوا منذ اندلاع القتال يوم السبت، دون توضيح أعداد القتلى من المدنيين والجنود، لكن نقابة أطباء السودان التي تسجل الإصابات، قالت الثلاثاء إن ما لا يقل عن 170 مدنياً قتلوا وجرح المئات.
إضافة إلى ذلك توقفت العشرات من مرافق الرعاية الصحية القريبة من الاشتباكات في الخرطوم والبؤر الساخنة في أنحاء البلاد عن العمل، نتيجة للأضرار التي لحقت بها أو إخلاؤها لأسباب تتعلق بالسلامة.
في السياق ذاته، أعلنت سفارات الدول الغربية في الخرطوم مقتل أكثر من 270 مدنياً في المعارك التي دخلت يومها الخامس بين الجيش وقوات الدعم السريع، محذّرة من أن هذه ليست سوى «حصيلة مؤقتة».
وسُمع دوي قصف مستمر وانفجارات عالية في وسط الخرطوم بالمنطقة المحيطة بالمجمع الذي يضم القيادة العامة للجيش، وكذلك حول المطار الرئيس للبلاد، الذي جرت معارك ضارية بين الجانبين للسيطرة عليه وخرج من الخدمة منذ اندلاع القتال.
وقالت الأمم المتحدة إن مسلحين استهدفوا المستشفيات وموظفي الإغاثة الإنسانية وسط أنباء عن وقوع حوادث عنف ضد موظفي الإغاثة.
وأعلنت قوات الدعم السريع، أمس، الموافقة على هدنة جديدة لمدة 24 ساعة. وقالت قوات الدعم السريع في بيان: «نؤكد التزامنا التام بوقف كامل لإطلاق النار، ونأمل أن يلتزم الطرف الآخر بالهدنة حسب التوقيت المعلن».
ويبدو تنفيذ عمليات الإجلاء أمراً صعباً ما لم يتوقف القتال لفترة ممتدة، وذلك في ظل إغلاق مطار الخرطوم والهجمات التي استهدفت في الأيام القليلة الماضية دبلوماسيين وأهدافاً أخرى، من بينها قافلة مركبات تحمل العلم الأميركي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن «الوضع الأمني غير الواضح» وإغلاق المطار يحولان دون وضع خطة لعملية إخلاء بتنسيق من جانب الحكومة الأميركية.
وذكرت مجلة «شبيغل» نقلاً عن مصادر لم تكشف هويتها، أن ألمانيا أوقفت أمس مهمة لإجلاء نحو 150 مواطناً على ثلاث طائرات نقل من طراز «إيه.400.إم» تابعة لسلاح الجو الألماني.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني إن السلطات تعتزم استخدام طائرة تابعة لقوات الدفاع الذاتي لإجلاء نحو 60 مواطناً يابانياً من السودان.
وأجلى الجيش السوداني عدداً من الطلاب كانوا عالقين في جامعة الخرطوم منذ اندلاع القتال. وأفادت القوات المسلحة عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك» في ساعة مبكرة من صباح أمس بأنها استجابت للنداءات وأنقذت الطلاب.
وقُتل أكثر من 270 مدنياً في المعارك الدائرة في السودان منذ السبت، بحسب ما أعلنت أمس سفارات الدول الغربية في الخرطوم في بيان مشترك، محذّرة من أن هذه ليست سوى «حصيلة مؤقتة».
وقالت البعثات الدبلوماسية الـ15 ومن بينها خصوصاً سفارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والنرويج إن «الحصيلة مرتفعة»، ويجب على طرفي القتال أن «يوقفوا الأعمال العدائية فوراً ومن دون شرط»، محذّرين من أن المعارك الضارية المتواصلة تخللتها «هجمات تستهدف المدنيين والدبلوماسيين والعاملين في المجال الإنساني».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أمس، أنها تتابع أوضاع الجالية والطلبة المصريين فى السودان في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة التي يشهدها منذ صباح السبت.
وصرح المتحدث باسم الخارجية أحمد أبوزيد، في بيان صحافي، بأنه في إطار حرص وزارة الخارجية على متابعة أوضاع الجالية المصرية والطلبة الدراسين بالسودان، تعكف السفارة المصرية في الخرطوم على التواصل الدائم مع الطلبة المصريين وتجمعات الجالية للاطمئنان عليهم وتوجيه النصح والإرشادات الخاصة بسبل توفير الحماية والأمن لهم ولأسرهم.
وبحث وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اتصال هاتفي تلقاه أمس من نظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، تطورات الوضع في السودان والجهود التي تقوم بها مصر لاحتواء الأزمة، والاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً، وعلى الساحتين العربية والإفريقية