اشتيوي الجدي يكتب المعادلة المقلوبة في سوريا اليوم!!
ديسمبر 17, 2024
سلاح الجو الإسرائيلي شن مئات الغارات داخل سوريا بغية حرمان سوريا من كامل مقدرات الجيش السوري من طيران وبوارج ومنصات صواريخ ومحطات رادارية ودبابات ومدافع واليات وذخائر، وبُنى تحتية مدنية وعسكرية من مطارات ومواني وقواعد ومعسكرات ومصانع ومراكز بحثية وانفاق تحت الأرض وفي بطون الجبال ومخازن وغيرها. وفوق ذلك اقتحمت قوات النخبة الإسرائيلية الاراضي السورية واحتلت اجزاء واسعة منها بغية ضمّها لاحقاً بصفة دائمة لدولة الكيان الإسرائيلي.
في ذات الحين نشاهد ثوار سوريا المزعومين منشغلين بإستكشاف دهاليز قصور وحدائق وسيارات ومقتنيات شخصية وتماثيل لرؤوس النظام السابق، والبحث عن ابواب سراديب مزعومة داخل السجون (على طريقة افتح يا سمسم) !! بغية اشغال الرأي العام المحلي والعربي والدولي بمتابعة ادعاءات شهود الزور وافتراءات المأجورين والمتسلقين، واضواء مظاهر دخول الثوار المزعومين للمدن السورية، دخولها دخول الفاتحين مهللين مكبرين!! مع ان دخولهم لمناطق سيطرة النظام من حلب إلى العاصمة دمشق وما بعدها جرى وفق نسق عملية الإنسحاب والإحلال مما يؤشر إلى تفاهمات مسبقة بين الدول المتدخلة في سوريا على تسوية الصراع الدولي والإقليمي في سوريا وانهاء حالة الإحتراب الداخلي عبر تقويض سلطة النظام الحاكم بعملية( انسحاب وإحلال) تكفل خروج الرئيس بشار الأسد وعائلته بصورة امنة من البلاد.
المفارقة هنا هي أن حكومات الدول التي كانت تزعم على مدى السنوات الأربعة عشرة الماضية وقوفها لجانب الشعب السوري ضد النظام الحاكم – بوصفه نظام مستبد ديكتاتوري- لم تنبس ببنت شفة ضد حكومة الكيان الإسرائيلي التي امرت جيشها بتدمير مقدرات سوريا العسكرية والاستراتيجية واحتلال مساحات شاسعة من الاراضي السورية بغية اقتطاعها وضمّها لاحقاً لدولة الكيان الإسرائيلي بالمخالفة لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الانساني والدولي وللمعاهدات والمواثيق الدولية.
وانا هنا لست ابرر لنظام الحكم السوري السابق استبداده ودكتاتوريته او اخطاؤه، الإ أنني انظر للأمور بعين المراقب الخارجي واحلل المواقف بحيدة وموضوعية بعيداً عن مشاعر المحب أو الكاره لشخوص رؤوس نظام الحكم السابق.
وقديماً قالوا باللهجة العاميّة ” أكره ولا تبلي” كان في وسع الرئيسين الأب الراحل حافظ الأسد ومن بعده الابن بشار الأسد القبول باحدى مبادرات السلام التي ما فتئت تطرحها امريكا وحليفاتها الغربيات ومن تم الانتقال بالنظام السوري من حالة الحرب الصامتة إلى حالة السلم والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وبالتالي تخليص النظام السوري من عقوبات الحظر واعباء الحصار لكنهما(الأسدين) تمسكا بمطلب استعادة الحقوق السورية الكاملة دون الرضوخ للضغوط الأمريكية والإسرائيلية حتى في أحلك الظروف.
وها نحن اليوم نرى بأم اعيننا جيش الكيان الإسرائيلي ينتهك سيادة سوريا ويدمر مقدراتها امام مرأى ومسمع حُكامها الجدد، وثوارها المزعومين!! ولم يحرك احد ساكنا. رغم أن ما قام ومازال يقوم به الكيان الإسرائيلي لا يمكن تبريره ولا وصفه الإ كونه عدوان ارهابي سافر يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والإنساني، ويستوجب تحرك مجلس الأمن الدولي بما يكفل وقف هذا العدوان الجائر والزام حكومة الكيان الإسرائيلي بسحب جيشها والعودة للحدود المعترف بها دوليا والزامها بتعويض سوريا عن كل ما دمرته من مقدرات سوريا، واحالة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي و وزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهم من المتورطين في ارتكاب هذا العدوان السافر للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
فما جرى ويجري داخل سوريا شأن داخلي ولا يجوز للكيان الإسرائيلي التدخل فيه تحت أية ذريعة، وان كان لدى حكومة الكيان الإسرائيلي أية مخاوف يتوجب عليها ايضاحها لمجلس الأمن الدولي ومطالبته بتحمل مسؤولياته لا أن تتصرف بمفردها وعلى حسب هواها.