تواصلت المعارك في السودان، أمس، رغم تمديد الهدنة، أول من أمس، الهدنة التي لم يتم الالتزام بها مطلقاً، في محاولة لنقل مساعدات إنسانية حيوية لهذا البلد الذي أصبح على حافة المجاعة، فيما أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف» حاجة 13.6 مليون طفل في السودان إلى مساعدات إنسانية.
وأفاد أحد سكان العاصمة بوقوع «اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة في جنوب الخرطوم».
ومنذ 22 مايو، يشيد الوسطاء السعوديون والأميركيون بوقف إطلاق النار الذي ظل حبراً على ورق. فعلى الأرض لم يتوقف القصف الجوي والمدفعي واستمرت تحركات المدرعات.
وتستمر الحرب التي أوقعت أكثر من 1800 قتيل، وفقاً لمنظمة «أكليد» غير الحكومية الأميركية، وأكثر من مليون ونصف المليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة، في حصد الضحايا وترغم مزيداً من الأسر على ترك منازلهم.
وأكد مواطنون، أمس، استمرار المعارك في الخرطوم وفي نيالا بإقليم دارفور في غرب السودان، الذي سبق أن شهد حرباً أهلية دامية في العقد الأول من القرن الجاري.
وكتب المحلل المتخصص في القرن الإفريقي، رشيد عبدي، على حسابه على موقع «تويتر» أمس: «لا يوجد وقف إطلاق نار في السودان»، في إشارة إلى تواصل القتال.
وأَضاف: «هناك فجوة عميقة بين الواقع على الأرض في السودان والدبلوماسية في جدة».
وتبادل الجيش الذي يقوده الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، الاتهامات بخرق الهدنة، ويقول كل طرف إنه يرد على هجمات الخصم.
ومنذ شهر، يوافق كل طرف على اقتراحات واشنطن والرياض بتمديد الهدنة، التي تهدف إلى السماح للمدنيين بالفرار من مناطق القتال، وفتح ممرات آمنة لإرسال المساعدات الانسانية.
وكان السودان قبل الحرب أحد أفقر بلدان العالم إذ كان مواطن من كل ثلاثة يعاني الجوع، وكانت الكهرباء تنقطع لفترات طويلة يومياً، والنظام الصحي على وشك الانهيار.
واليوم، بعد مرور سبعة أسابيع على اندلاع الحرب، بات 25 مليوناً من أصل 45 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية للاستمرار، وفق الأمم المتحدة.
وذكرت «يونيسيف» أن «13.6 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الدعم الانساني المنقذ للحياة». من بين هؤلاء «620 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد»، بحسب المنظمة الأممية.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: «إن 17 ألف طن متري من المواد الغذائية نُهبت منذ بدء الصراع. ويتوقع البرنامج أن ينزلق ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في السودان إلى هاوية الجوع في الأشهر المقبلة».
وقال البرنامج، أول من أمس: «إنه بدأ توزيع المواد الغذائية بمناطق في العاصمة لأول مرة منذ اندلاع القتال».
ولم تعد المياه الجارية تصل إلى بعض مناطق الخرطوم، ولا تتوافر الكهرباء إلا بضع ساعات في الأسبوع، كما باتت ثلاثة أرباع المستشفيات خارج الخدمة.
أما المستشفيات التي تواصل عملها فلديها القليل من المستلزمات الطبية والأدوية، كما أنها مضطرة إلى شراء الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء بـ20 ضعف سعره الأصلي.
وتطالب المنظمات الإنسانية منذ اندلاع الحرب في 15 من أبريل، بتوفير ظروف أمنية تتيح لها الوصول إلى الخرطوم ودارفور، من أجل تزويد مخازنهم التي نهبت أو دمرت بسبب القتال.
لكن تلك المنظمات لم تتمكن حتى الآن إلا من إيصال كمية صغيرة جداً من الأدوية والأغذية، إذ إن العاملين فيها لا يستطيعون التحرك بسبب المعارك، في حين أن شحنات المساعدات التي وصلت جواً لاتزال عالقة لدى الجمارك.
وباتت بعض مناطق دارفور معزولة تماماً عن العالم من دون كهرباء أو إنترنت أو هاتف، ويقول نشطاء سودانيون: «إنهم يخشون الأسوأ».
وفيما رحبت واشنطن والرياض بتمديد الهدنة لخمسة أيام أخرى، يخشى السودانيون الآن على الأرض حصول «حرب أهلية شاملة»، بحسب كلام تحالف قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية في البلاد.
وأطلق هذا التحالف تحذيراً بعد النداءات التي وجهها الطرفان ويدعوان فيها المدنيين إلى التسلح.
وطرح مجدداً موضوع دارفور، حيث يشارك في المعارك الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيون مسلحون، عندما دعا حاكم الإقليم، مني مناوي وهو زعيم فصيل متمرد سابق متحالف الآن مع الجيش، كل المواطنين إلى التسلح «لحماية الممتلكات».