تشهد ليبيا حالة من التوتر والفوضى على الصعيدين السياسي والعسكري، وإشتباكات ما بين ميليشيات تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وأخرى تابعة لرئيس حكومة الإستقرار المُكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، تؤثر وبشكل مباشر على خارطة الحل السلمي في البلاد وتقف عائقاً أمام المضي قدماً نحو إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة.
تصريحات سياسية وتصعيدات عسكرية من كلا الطرفين المُتنازعين على السلطة في ليبيا، أحدهما جاء وفق خارطة الحل السياسي السلمي في البلاد ووفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، والثاني جاء بتكليف مباشر من مجلس النواب الليبي.
الآراء السياسية مُنقسمة إلى ثلاثة جوانب، منها من يرى أن عبد الحميد الدبيبة أصبح خارج الشرعية بعدما فشل في تنفيذ مهامها المُتمثلة في بسط الأمن والإستقرار وضمان إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي، والتي كان من المقرر أن تنعقد في ديسمبر الماضي.
وأن الدبيبة وبتسخيره أموال الدولة من عائدات النفط الليبي لدعم الميليشيات والمرتزقة تمكن من فرض سلطته بالقوة بل وأطال فترة حكمه، ليستمر في تنفيذ أجندات تركيا، الراعي الرسمي لنقل المرتزقة من الأراضي السورية إلى طرابلس، ومد الميليشيات بالعتاد العسكري والخبراء، وحتى هذه اللحظة وعلى الرغم من إنتهاء فترة حكم الدبيبة إلا أنه مستمر في ممارسة مهامه كرئيساً للحكومة المؤقتة.
أما الجانب الثاني، ينظر إلى رئيس حكومة الإستقرار المُكلفة من مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا، على أنه سيسير على خطى الدبيبة، لكن بدلاً من أن يتعاون مع تركيا لإقحام البلاد في مزيد من الفوضى، سيستعين بالمملكة المتحدة ودول الغرب. هذا ما تبين للجميع بعدما كشف باشاغا عن خارطة تعافي ليبيا والتي جاء فيها إخراج جميع القوات والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية بالتعاون مع المملكة المتحدة، هذا الإعلان جاء من العاصمة لندن، أي من خارج الأراضي الليبية، لتكون بداية باشاغا هي إخراج القوات التركية وإستبدالهم بقوات غربية من بريطانيا.
الجانب الثالث ينظر إلى الوضع الحالي في ليبيا على أنه نتيجة ولاء رؤساء الحكومات المؤقتة في ليبيا لدول الغرب والدول الطامحة للسيطرة على مقدرات وثروات الشعب الليبي. ويستغرب هذا الجانب عدم تحرك قائد القوات المسلحة العربية الليبية المشير، خليفة حفتر، وتحقيق إرادة الشعب الليبي ببسط الامن والإستقرار في البلاد وإخراج جميع المرتزقة من الأارضي الليبية كما فعل من قبل في شرق وجنوب البلاد.
السياسي ورئيس حزب القمة، عبدالله ناكر، قال وبالنظر للوضع الحالي في ليبيا فإن جميع الأجسام السياسية الموجودة والمتمثلة في مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية وحكومة الإستقرار مُنتهية الشرعية، واليوم ليبيا في حالة من الفراغ السياسي.
وفي السياق ذاته يرى رئيس المجلس الإنتقالي الليبي السابق، عبد الحفيظ غوقة، أن حكومتي الدبيبة وباشاغا غير قادرتين على تحقيق مطالب الشعب الليبي والمضي نحو إنتخابات رئاسية تُنهي حالة الفوضى والفارغ السياسي الذي تحدث عنه ناكر. وقال غوقة انه إذا إستمر الحال على ماهو عليه في ظل الصراع بين الدبيبة وباشاغا وصمت المشير خليفة حفتر، فإن ليبيا ومع الأسف الشديد ستشهد حرباً اهلية جديدة يكون وقودها شباب وأبناء الشعب الليبي.