بقلم: إدريس أحميد الكاتب و المحلل السياسي
تحتفل تونس بالذكرى 67 لعيد الجمهورية 1957، التي جاءت بعد إلغاء الملكية.
ويمثل تأسيس النظام الجمهوري، بداية الانطلاق نحو وضع أسس الدولة،
والتي قادها الزعيم الراحل
“الحبيب لبورقيبة” الذي حقق الكثير من المكتسبات الحضارية، والتي أعطت تونس القوة والمانعة…
وأهمها بناء الشخصية التونسية الفذة، والتي بدورها أسهمت في بناء تونس…
وإن حدث انتقال سلمي في تونس في 7 نوفمبر بقيادة الرئيس الراحل
“زين العابدين بن علي”، والذي واصل المسيرة وحقق المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات،
وإن كان هناك الكثير من المأخذ، فيما تتعلق انتهاكات للحقوق والديمقراطية وتداول السلطة.
ولعل ذلك هو محل موازنة بين عهد 7 نوفمبر وما شهدته تونس من استقرار ورفاه اجتماعي واقتصادي، وبين ما حدث بعد الثورة في 20 جانفي 2011، احتراما لخيار الشعب التونسي،
ولكن الواقع كان مريرا، حيث حدث انحراف كبير عن مسار الديمقراطية، وسيطرة أيدلوجية على السياسي على مقاليد ا الأمور، طيلة 10 سنوات من الفوضى وتوقف التنمية، وعدم الاستقرار الحكومي بسبب سيطرة على النهضة على البرلمان.
وقد كان لدستور 2014 دورا كبيرا فيما شهدته تونس، حيث مكن حركة النهضة من السيطرة على مقاليد الأمور في البلاد، ففي الظاهر يؤسس للنظام البرلماني لترسيخ الديمقراطية وإعطاء صلاحيات واسعة للبرلمان بينما في الواقع كما اتضح يهدف لتقييد رئيس الدولة، وحصر صلاحياته
في تعيين وزير الدفاع ووزير الخارجية.
لم يسكت الشارع التونسي الذي عبر عن استيائه، عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وتداعيات أزمة كورونا والفشل الحكومي في التعامل مع جائحة كورونا.
وعدم الاستقرار الحكومي وكثرت تعيينات رؤساء الحكومة، ولم يتمكنوا من إجراء إصلاحات اقتصادية، بسبب المحاصصات الوزارية والتي تغيب فيها، الكفاءة والخبرة.
في ظل احتقان وغليان الشارع التونسي، لم يجد الرئيس التونسي سبيلا إلا اتخاذ إجراءات استثنائية، وفق المادة “80” من الدستور.
وحل البرلمان والحكومة، ورفع الحصانة عن أعضائه، الذين رأى البعض منهم انقلاب دستور على البرلمان، في المقابل وجدت هذه الإجراءات
تأييد من عموم الشعب التونسي.
وتبع ذلك إقرار دستور جديد في 25 يوليو 2022، والذي رابع دستور في تاريخ تونس.
وقد أعطى الدستور صلاحيات واسعة، أهمها منصب قائد الجيش، وتعيين الحكومة دون الرجوع للبرلمان.
بدأ الرئيس قيس سعيد حملة لملاحقة الفساد المالي والإداري وفق القانون.
وقد استطاع بذكاء من فتح ملفات شائكة ، لم تكون متوقعة وبالقانون، على الرغم من بعض الصعوبات التي تواجهه في ظل حملات اعلامية معارضيه وضغوط وخارجية ،
وقد تحمل المسؤولية وهو لا يملك حزام سياسي ، لكنه منطلق من تأييد الشعب التونسي صاحب المصلحة الحقيقة في بلاده .
في السياسة الخارجية تمسك الرئيس قيس سعيد ، بمواقف أكدت السيادة وعدم الرضوخ، للإملاءات الخارجية ، ورفض شروط صندوق النقد الدولي ، لإجراء اصلاحات تؤثر على المواطن ، أيضا تونس رفضت الشروط الإيطالية والاوربية، بشأن الهجرة غير النظامية .
الانتخابات الرئاسية 2024
تستعد تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية، هي الإنتخابات الرئاسية الثانية عشرة في تونس والثالثة بعد الثورة، وكما كان متوقعا أعلن الرئيس قيس سعيد ترشحه .
نعتقد بأن هذا القرار يأتي لإكمال مشواره الذي بدؤه، الدستور يسمح بالعهد الثاني، وبمثابة استفتاء من الشارع على الإجراءات التي قام بها ، اعطي دفعة جديدة لمسيرة تونس !