في كل مرة تثبت المملكة العربية السعودية أنها الحليف الأقوى على مستوى الإقليم سواء على مستوى الدعم الإنساني، أو التخطيط العمراني، خصوصا وأنها بدأت في مشروعات عملاقة ستشارك فيها دول الجوار، لكن ذلك لم يجعل السعودية تهمل دورها الإنساني والتعاوني مع البلدان العربية والإسلامية.
خلال الأيام الماضية أطلقت المملكة دعوة إنسانية لإنقاذ الشعب الأفغاني من أزمته المتفاقمة، كان ذلك على المستوى الإسلامي، أما على المستوى العربي فاحتضنت الرياض على مدار أربعة أيام متتالية اجتماع الدورة رقم (41) لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وعلى الرغم من أن الاجتماع كان عاديا ومقرر من قبل ذلك أن يكون، لكن القضايا التي نوقشت فيه كانت في غاية الأهمية وعلى درجة عالية من المسؤولية، إذ ناقش الوزراء العرب تداعيات أزمة كوفيد19 على البلدان العربية خصوصا من الناحية الاجتماعية وكيفية مواجهتها.
المؤتمر الذي كان بإشراف من وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، نتج عنه تقارب بناء لغاية، من خلال القضايا التي طرحت وأوراق العمل التي قدمتها الجهات المشاركة لتخفيف حدة الجائحة، خصوصا وأن المؤتمر شارك فيه وزراء التنمية والشؤون الاجتماعية العرب، وهو ما يعطي زخما واسعا للحدث، وبحضور رؤساء المكاتب التنفيذية لمجلسي وزراء الصحة والشباب والرياضة العرب، والمجلس العربي للسكان والتنمية.
عنوان اللقاء العروبي الخالص كان لافتا للغاية إذ جاء “الآثار المتباينة لـجائحة كوفيد19 رسم مسارات التعافي للمنطقة العربية ودعم الفئات الضعيفة والهشة في الأوبئة والأزمات”.
الحقيقة ان العنوان يحمل كثير من التفاصيل بين جمله، خصوصا وأنه يركز على قضايا الفقر التي شهدت ارتفاعًا ملحوظافي المنطقة العربية نتيجة جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي العربي الإجمالي بمقدار 500 مليار دولار بسبب الوباء، وتلاه خسارة 6 ملايين وظيفة وتفاقم الوضع نتيجة الأزمة.
ويعيش العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص ظروفا استثنائية بسبب التراجع الاقتصادي الناتج عن تداعيات فيروس “كورونا” الذي أنهك اقتصاديات أغلب دول المنطقة والعالم.
يمكن لخطط التعافي في المنطقة العربية أن تعالج أوجه التفاوت، بما في ذلك الفوارق طويلة الأمد بين المناطق الحضرية والريفية، والفئات العمرية، ومستويات الدخل، والجنس، وبينما تكثف الحكومات العربية استجابتها لـجائحة كوفيد-19، هناك فرصة سانحة لتعزيز نهج متكامل وشامل إزاء تدخلات السياسة الاجتماعية التي تفضي إلى الانتعاش الشامل، وهذا ينطبق على كل من التدابير التقليدية والاستجابات المصممة حديثا.
وزاد من أهمية المؤتمر أنه هو المنتدى الأولى من نوعها إقليمياً، وذلك أن جمع كافة المجالس الوزارية المعنية بالقطاعات الاجتماعية (وزراء الشؤون الاجتماعية والتنمية والمكاتب التنفيذية لوزراء الرياضة والصحة والشباب) والخبراء الدوليين ومنظمات الأمم المتحدة لبحث سُبل التعافي من تداعيات كوفيد 19 ودعم الجهود العربية لمواصلة تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030.
وهدف المؤتمر إلى دعم الحوار بين الوزراء المسؤولين عن الشؤون الاجتماعية والمجالس الوزارية المتخصصة في الأبعاد الاجتماعية الأخرى، وفي مقدمتها الصحة والشباب والرياضة، والسكان والتنمية، من خلال مشاركة الوزراء رؤساء مكاتبها التنفيذية، بشأن تجارب الدول في التعامل مع الآثار الاجتماعية المختلفة لفيروس كورونا المستجد، وعلى مسارات السياسات الرامية إلى تحقيق التعافي الشامل في المنطقة العربية.
ووضع المؤتمر خطة من خمسة نقاط في غاية الأهمية وهي:
1. تسهيل التبادل القائم على الأدلة لتجارب الدول، والدروس المستفادة بشأن تأثير التفاوت لفيروس كورونا المستجد في المنطقة.
2. دعم المشاركة، والالتزام بالإجراءات والسياسات الاجتماعية والصحية والشبابية والسياسات ذات الصلة بالسكان والتنمية، لحماية المعرضين للخطر من المزيد من الانتكاسات، والسماح بالتعافي الشامل في المنطقة العربية.
3. دعم التعاون الإقليمي، في إطار برنامج إدارة التحولات الاجتماعية MOST باليونسكو، بشأن التعافي الشامل القائم على الأدلة.
4. تقديم التوجيه للعمل المقبل في العلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة الدول العربية اليونسكو، لدعم التعافي في المنطقة.
5. رسم خريطة طريق للتعافي من جائحة كورونا من خلال اقتراح مسارات عربية مختلفة لآلية التعافي من الجائحة.