زيارة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إلى العاصمة القطرية بعد سنوات من القطيعة بين قطر والمعسكر السياسي والعسكري في الشرق الليبي، يبدو أنها في طريقها لتصبح من الماضي، ورجح مراقبون أن تستعيد الدولة الخليجية بعد هذه الزيارة دورها البارز على الساحة الليبية خلال الفترة المقبلة بعد تراجعه بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين.
فبعد أشهر قليلة من زيارته المثيرة للجدل إلى تركيا، حط رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح رحاله في العاصمة القطرية الدوحة لإجراء مباحثات مع المسؤولين القطريين، تناولت ملف الأزمة السياسية في ليبيا ودور قطر في دعم المسار التفاوضي، بعد أن كانت لسنوات طرفاً فاعلاً في دعم أطراف سياسية بارزة في النزاع الليبي.
وحظيت زيارة صالح إلى الدوحة باهتمام كبير في ليبيا لأنها الأولى من نوعها لمسؤول سياسي من الشرق إلى قطر منذ عام 2012، ما يؤشر إلى طي صفحة الخلافات العميقة بين الطرفين، خصوصاً وأن نجل قائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر، كان ضمن الوفد الليبي في هذه الزيارة.
وأبدى مراقبون ومحللون سياسيون مخاوفهم من هذه الزيارة الاستثنائية، كونها تفتح الأبواب على تحالفات جديدة وسيناريوهات من شأنها إطالة أمد الأزمة، وتأجيل إجراء الإنتخابات لفترة أطول من اللازم.
حيث قال المحلل السياسي عبدالله الكبير: “صالح وقع في مأزق منذ فشل الإنتخابات في ديسمبر الماضي، فقد كان كل شيء تحت السيطرة، والانتخابات مفصلة على مقاسه ومقاس حليفه العسكري، المشير خليفة حفتر، والآن الوضع بعيد كل البعد عن ذلك”.
وأضاف الكبير: “الدائرة الدستورية العليا محسوبة على معسكر الدبيبة، وأصبح بالإمكان تقديم الطعون على قرارات صالح، وإلغائها، الأمر الذي يحجم نفوذه بشكل كبير، وينهي احتكاره للقرارات والقوانين التي من خلالها يمكنه إيصال حليفه إلى السلطة”.
ومن جهته، أكد المحلل السياسي محمد الباروني، أن زيارته إلى قطر تأتي في إطار مساعي المستشار صالح لكسب ود حلفاء الدبيبة، ولعقد صفقات مربحة للطرفين، بدلاً من الوقوع في عزلة سياسية بسبب عجزه في ايصال حكومته برئاسة باشاغا إلى طرابلس.
وأشار الباروني إلى أن اشتباكات طرابلس الأخيرة اكدت للجميع بأن الدبيبة مسيطر على الوضع في العاصمة، ويقوم بتطهيرها من الجماعات المسلحة الموالية لباشاغا تدريجيًا، بالإضافة إلى ذلك يستحيل على بشاغا شن أي عملية عسكرية واستدعاء قوات من مناطق أخرى من البلاد للاستيلاء على العاصمة دون أن يتعرض لإدانات واسعة.
بعد توقيع وقف إطلاق النار في طرابلس عام 2020، شهدت ليبيا أكثر فترات الهدوء الأمني في السنوات الأخيرة، بعد إعلان موعد للانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2021، لكن الإخفاق في تنفيذ الاستحقاق الانتخابي بموعده أعاد الميليشيات المسلحة إلى المشهد، في غرب البلاد، بشكل أكبر من ذي قبل.
ومع عودة الانقسام الحكومي بتشكيل البرلمان لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، وإقالة سابقتها التي شكلت بموجب الاتفاق السياسي في جنيف برئاسة عبدالحميد الدبيبة، الذي رفض تسليم السلطة للحكومة الجديدة، استعادت الميليشيات المسلحة نفوذها وأهميتها، بعد لجوء فتحي باشاغا المعين من قبل البرلمان والدبيبة إليها كل لمواجهة خصمه.