لا تزال الأزمة الليبية مستمرة، بسبب الخلافات السياسية بين مختلف القوى. فالمواجهة بين المنطقتين الشرقية والغربية تتطور بشكل سريع، ويعود السبب في ذلك إلى تمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بمنصبه ورفض قرارات مجلس النواب الليبي.
حيث أنه في مطلع شهر مارس الماضي، أعلن مجلس النواب الليبي برئاسة المستشار عقيلة صالح، عن تعيين حكومة جديدة لتولي المرحلة الحالية في البلاد، وكلف وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، خلفاً لعبد الحميد الدبيبة.
من جانبه أعرب الدبيبة عن رفضه لقرارات مجلس النواب، وأن حكومة الوحدة الوطنية لاتزال شرعية وتنتهي شرعيتها بإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة، وأنه سيسلم السلطة فقط لحكومة مُنتخبة من مجلس برلمان جديد.
هذا الرفض والتعنت خلق حالة من الإنقسام بين القوى السياسية في الداخل الليبي، وكشف عن إنتهاكات سافرة إرتكبها الدبيبة وحكومته بحق ليبيا وشعبها من تبديد ثروات الشعب الليبي وصرف الدبيبة لمبالغ مهولة من أجل تقوية الميليشيات والتمهيد لحرب أهلية جديدة في البلاد.
وحذر المحلل السياسي الليبي عادل خطاب، من إستغلال عبد الحميد الدبيبة لأموال الدولة لدعم وتحويل المجموعات المسلحة إلى قوة حماية خاصة به ليستمر في السلطة، خارج إطار القانون، وإنتقد ما تعيشه العاصمة طرابلس من إنفلات أمني.
هذه الحقيقة أكدها تقرير مصرف ليبيا المركزي والذي سلط الضوء مجدداً على مصروفات حكومة الدبيبة، التي أنفقت في ثلاثة أشهر، أكثر من ثلاثة أضعاف ما تحصلت عليه من إيرادات، في حين سجل عجز كبير بلغت قيمته 11.3 مليار دينار، وذلك بنسبة 332 % من إجمالي الإيرادات البالغة 3.4 مليار دنيار، وفق بيان المصرف.
هذه المبالغ وبحسب المصادر والأنباء تم تخصيصها لدعم الميليشيات ودعم حملة الدبيبة الإنتخابية. حيث أن الدبيبة كان أحد المنافسيين في الإنتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إنعقادها ديسمبر الماضي، وقد خصص مبالغ ضخمة من أجل تلميع صورته أمام ابناء الشعب الليبي. هذا الصرف دون وجود ميزانية من قِبل حكومة الوحدة سبب ضائقة إقتصادية يُعاني منها اليوم الشعب الليبي خلال شهر رمضان المبارك.
وفي الآونة الأخيرة تسبب تمسك الدبيبة بالسلطة إلى ظهور أزمة جديدة داخل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، حيث أعلن ممثلو المنطقة الشرقية في اللجنة العسكرية المشتركة تعليق عملهم باللجنة حتى تلبية مطالبهم المتمثلة في وقف التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية وعدم تصدير النفط.
ويأتي هذا الطلب بعدما تبين أن حكومة الوحدة خصصت مبالغ ضخمة من أجل دعم وتقوية صفوف الميليشيات في العاصمة طرابلس بدلاً من صرف رواتب مُنتسبي القوات المسلحة العربية الليبية، الأمر الذي دفع أعضاء اللجنة للمطالبة بوقف تصدير النفط الذي تُستخدم عائداته من أجل تأجيج الأوضاع في الداخل وتقوية الميليشيات والمرتزقة الأجانب.
إن تمسك الدبيبة بالسلطة وبحسب المحللين والمراقبين للمشهد السياسي، قد يقود البلاد إلى حرب أهلية جديدة تُسفر عن آلاف الضحايا من المدنين الأبرياء ويجعل من فكرة إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة حلم بعيد المنال.