أخبار ليبيا

اشتيوي الجدي يكتب: ويسألونك عن السيادة؟

بقلم: اشتيوي الجدي دبلوماسي ليبي سابق
تراجعت السيادة الوطنية الليبية منذ أن فرضت حكومات الدول الغربية القرارين 1970 و1973 لسنة2011 عبر مجلس الأمن الدولي، ثمّ بدأت تتآكل شيئاً فشيئاً، بفعل انتشار الميليشيات المأجورة وميليشيات المرتزقة الأجانب وتمركز القوات والقواعد الأجنبية في بعض المدن والبلدات الليبية، فضلاً عن الهيمنة الأجنبية على القرار السياسي الليبي الداخلي والخارجي. ويبدو فقدان السيادة فاقعاً في صور وأشكال متعددة اذكر منها في هذه العجالة مشهد وصول المسؤولين الغربيين على متن السفن الحربية إلى ليبيا، وهو مشهد يتكرر بين الفينة والأخرى، ويثير امتعاض اللييين.
والتي كان آخرها رسو السفينة الحربية الأمريكية “يو أس أس ماونت ويتني” بصورة مفاجئة في ميناء طرابلس الأحد الـ19 من أبريل 2025، حاملة على متنها وفداً أمريكياً رفيع المستوى ضم نائب قائد الأسطول السادس الأمريكي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، والقائم بالأعمال الأمريكي لدى ليبيا. ومن ثم أبحرت بهم السفينة ورست في اليوم التالي بميناء بنغازي. وحسب قول السفارة الأمريكية لدى ليبيا تهدف الزيارة إلى ” تعزيز التعاون الأمني ودعم وحدة ليبيا”، إلا أن تصريحات لنائب قائد الأسطول السادس، خلال مؤتمر صحافي على متن السفينة قال فيها “نحن هنا لتعزيز التعاون الأمني وحماية سيادة ليبيا، تحت شعار (القوة من أجل السلام)”. وأشار إلى أن “وجود السفينة يهدف إلى دعم الأمن في البحر المتوسط والدول المجاورة ” ، وقد أثارت هذه الزيارة أسئلة كثيرة في شأن دلالاتها وانعكاساتها المحتملة على ليبيا والإقليم، إذ يُفهم من زيارة السفينة الحربية “يو أس أس ماونت ويتني” لليبيا أن أمريكا عازمة على تعزيز حضورها في المشهد الليبي والإقليمي، ليس فقط عبر القنوات الدبلوماسية، بل من خلال أدواتها العسكرية أيضاً، في ظل تنامي أدوار قوى دولية منافسة مثل روسيا وتركيا في ليبيا.
وهنا لا بد من التنويه إلى أن السفينة ” يو أس أس ماونت ويتني” ليست مجرد قطعة بحرية، بل تعد واحدة من أبرز السفن القيادية في الأسطول السادس الأمريكي، الذي حاصر ليبيا على امتداد أكثر من أربعة عقود ، وأغار بالطائرات والصواريخ على مدنها، مخلفاً الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين الليبيين، ناهيك عن تدمير مقدرات ليبيا المدنية والعسكرية. إلا أن ذلك لم يمنع سياسيو الصدفة من استقبال هذه السفينة والترحيب بالوفد القادم على متنها، لأنهم لا يستطيعون إغضاب أسيادهم في امريكا، ولأنهم يظنون أن أمريكا هي التي تضمن لهم البقاء في حكم الدولة الليبية تحت غطاء دولي.. ووصل بهم الخضوع والإنقياد إلى حد العجز عن تنبيه طاقم السفينة الأمريكية «يو إس إس ماونت ويتني» إلى ضرورة رفع العَلَم الليبي عند دخولها لمياه ليبيا الإقليمية والرسو في الموانىء الليبية، الأمر الذي جعل طاقم السفينة الأمريكية يتجاهل عمداً رفع العَلَم الليبي، مع أن تقاليد البحرية الأمريكية تقول: عند دخول أو مغادرة ميناء أجنبي، يجب أن ترفع السفينة عَلَم ذلك البلد في مؤخرة السفينة كعلامة احترام.. لكن وكما قيل منذ القِدَم: لا يُنجي حذر من قدر ، إذ يبدو أن هذا العَلَم – عَلَم المملكة الليبية- لم ولن يمثل سيادة حقيقية لليبيا ففي عهد تلك المملكة(1952~1969) كانت السيادة الليبية ناقصة بفعل القواعد والقوات والهيمنة الغربية، وبعدما أطاح حلف الناتو بالنظام الليبي الوطني عام2011 واعاد ليبيا مجدداً لحظيرة المعسكر الغربي، رفع مجدداً عَلَم المملكة الليبية البائدة لتعلو فوقه أعلام المستعمر القديم الجديد.
الخلاصة هي أنه ليس من الغريب أو المفاجئ أن يتصرف الرويبضات القائمين بأعمال سلطات الدولة الليبية على هذا النحو المشين، فقد اعتادوا على الاستخفاف بالثوابت الدينية والوطنية والقومية، بجهل وسوء نية. لأنهم لا يمثلون الشعب الليبي ولا تطلعاته ولا مصالحه.
والحقيقة التي لا مناص منها هي أن السيادة الوطنية الليبية فُقدت في زمن حكم الرويبضات.
ويا خجلة ليبيا من هؤلاء.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى