في يوم الاثنين 2011/08/08 وعند الساعة الحــــــادية عشر والربـع ليــلاً، شن طيران حلف شمال الأطلسي (ناتو) غارة جوية على مجمع سكني بقرية ماجر الليبية التي تبعد 160 كيلو مترا شرق العاصمة الليبية طرابلس. غارة همجية بقنابل موجهة بالليزر “جي بي يو-12” صيِّرت البيوت هشيما فوق رؤوس ساكنيها، فسُفِكت دماء وتقطَّعت اعضاء وثناثرت اشلاء أطفال و نساء ورجال شيوخ وشباب لا حول لهم ولا قوة، ولم يسلم حتى المسعفين ورجال الإطفاء والإنقاذ الذين حــاولوا انقاذ الضحايا إذ تعرضوا للقصف الجوي الناتوي أثناء تأديتهم لواجبهم الإنساني.
أولى عمليات القصف أصابت منزل المواطن علي حامد غافز بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً بقليل، وتسببت بمقتل 12 مدنياً خمس نساء وسبعة أطفال كانوا متواجدين في المنزل حينها. كما أدت ضربة ثانية إلى تدمير منزل المواطن معمر عقيل الجعرود، فتسببت بمقتل 4 من أفراد عائلته بينهم زوجته ورضيعتهما، ووالدته، وشقيقته. وأثناء قيام الأهالي ورجال الإطفاء والإنقاذ بانتشال القتلى من منزل المذكور، تعرض المنزل مجددا للقصف من طيران حلف الناتو، مما تسببت بمقتل 18 رجلاً بمن فيهم 4 أفراد من عائلة واحدة، والبقية من رجال الإطفاء والإنقاذ. وقد بلغ إجمالـــي عدد الشهداء 34 شهيداً والجرحى 38 جريحاً.
منظمة مراقبة حقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” زارت في حينه الموقع وتقدمت لحلف شمال الأطلسي (ناتو) باستفسارات حول استهدافه للمجمع السكني، وطالبته بضرورة تعويض الضحايا. كما جاء في تقريراللجنة الدولية لتقصي جميع انتهاكات القانون الدولي في ليبيا – المقدم لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارس 2012، أجرت اللجنة مسحاً للموقع في 4 ديسمبر 2011، وتمكنت من تحديد شظايا عدة قنابل موجهة بالليزر تبين أنها نفس الذخائر التي تستعملها القوات المشاركة في عملية حلف شمال الأطلسي (ناتو) المسماة “الحامي الأوحد” ضد ليبيا. ولم تجد اللجنة أي دليل على أرض الواقع أو عبر تحليل صور الأقمار الصناعية، يثبت أن الموقع كان له غرض عسكري، وأجرت اللجنة مقابلات مع شهود وناجين من الهجوم وراجعت سجلات المستشفى الخاصة بالقتلى والجرحى في الهجوم. واستناداً إلى المعلومات التي حصلت عليها اللجنة، بدا واضحاً أن القتلى جميعهم كانوا من المدنيين. ولم يقدم حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى اللجنة تفسيراً كافياً للقيمة العسكرية لهذا المجمع السكني، ولا تفسيراً للضربة المكررة التي استهدفت المسعفين ورجال الإطفاء والإنقاذ.
كلّما جاء موعد ذكرى هذه المجزرة الفضيعة، تتجدد الآم جراح الأمهات الثكالى والنساء الأرامل، والأطفال اليتامى، وفاقدي الأطراف… و تعجز كل الكلمات عن وصف معاناتهم. ويظل السؤال الذي يُلِح في الإجابة عنه بأي ذنب قُصِف هؤلاء الأبرياء في قرية ماجر الليبية؟.
مجزرة قرية ماجر الليبية ستبقى لطخة عار وشنار في جبين حلف شمال الأطلسي(ناتو)، ويتوجب على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إنصاف ذوي الضحايا وإحالة الأمر للمحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة حلف شمال الأطلسي (ناتو) تحت طائلة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
إشتيوي الجدي
دبلوماسي ليبي سابق