بنغازي
يطوي الليبيون عام 2023 بتفاؤل مشوب بالحذر بإمكان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في النصف الأول من العام الجديد 2024 على أقصى تقدير، بعد تعثر العملية الانتخابية في ليبيا ديسمبر 2021.
وما يقلق أبناء الشعب الليبي ضبابية المواقف لدى بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الليبي خاصة المبعوث الأممي إلى البلاد عبد الله باتيلي الذي تتناقض تصريحاته مع مبادرته الأخيرة.
وعلى الرغم من مصادقة مجلس النواب على قوانين الانتخابات وتسليمها إلى المفوضية العليا للانتخابات لتنفيذها إلا أن طريق الانتخابات في ليبيا، بحسب مراقبين سياسيين لا يزال يواجه العديد من العقبات أبرزها معارضة المجلس الأعلى للدولة لهذه القوانين، وتحفظ البعثة الأممية بمزاعم غياب التوافق السياسي حولها.
تمهيد النواب
ومهد مجلس النواب الطريق لإجراء الانتخابات بإعلان موافقته بالإجماع على إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس الأمة المقترح من لجنة “6 + 6”.
وأكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن القانون لم يقص أحداً وأن لكل مواطن الحق في الترشح للرئاسة “مدنياً كان أو عسكرياً، ومن لم يفز يعود إلى سابق عمله”. وشدد على أنه ليس من حق مجلس النواب إجراء أي تعديل على القوانين المنجزة من لجنة “6 + 6”.
وكان مجلس النواب قرر إحالة مشروعي قانون انتخاب رئيس الدولة ومجلس النواب إلى لجنة إعداد القوانين الانتخابية “6 + 6″، لإعادة النظر في بعض البنود بناء على ملاحظات أعضائه.
أزمة الحكومة
سرعان ما ظهرت أزمة الحكومة الجديدة التي من المفترض أن تشرف على الانتخابات، حيث يعارضها بشدة عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية ، بينما يرى رئيس مجلس النواب ضرورة ذلك وقال عقيلة صالح في تصريحات سابقة: يجب أن تكون قيادة البلاد واحدة، ولا بد من انتخاب رئيس يستطيع أن يأمر الجميع. مؤكداً أنه لو كان هناك رئيس لم تكن لتحدث هذه الانقسامات، كما أن هناك فرصة سانحة لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وشدد على أن مهمة الحكومة الموحدة المصغرة هي إنجاز الانتخابات، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة. ودعا أعضاء مجلس النواب لإعطاء الثقة لرئيس الوزراء المقبل على أساس برنامجه، لافتاً إلى أنه يجب أن يكون اختيار الحكومة الجديدة بعناية خصوصاً رئيسها.
وأضاف: نحن على تواصل مع رئيس بعثة الأمم المتحدة عبد الله باتيلي، ونكاد نكون متفقين على أنه بعد صدور القوانين، لا بد من تشكيل حكومة موحدة.
الموقف الأممي
وتتناقض المواقف الأممية إذ إن البعثة الأممية للدعم في ليبيا طالبت مؤخراً بالاتفاق على مسار انتخابي واضح وجدول زمني للانتخابات، والتوصل إلى توافق بشأن تشكيل حكومة موحدة جديدة تسير بالبلاد نحو الانتخابات، واتهمت الأطراف السياسية الليبية بالتلكؤ في التحرك، وحذرت من أن ذلك سيعمق الانقسام ويعرض ليبيا لمخاطر مختلفة تهدد أرواح الناس في ليبيا وتقوض الاستقرار الإقليمي.
وتتناقض هذه التصريحات مع مواقف المبعوث الأممي عبد الله باتيلي الذي طرح مؤخراً مبادرة جديد، قال عنها مسؤولون ليبيون إنها تشق صف الليبيين إذ أعلن المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق أن المجلس قرر رفض المشاركة في أي حوار سياسي يضم حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة.
ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عبد الله باتيلي الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا إلى حوار دون دعوة الحكومة الليبية برئاسة “أسامة حماد”، ما أشعل غضب أطراف سياسية ورسمية ليبية واعتبروها دعوة للانقسام.
وتضمنت مبادرة باتيلي الرغبة في التوصل إلى تسوية سياسية حول القضايا مثار الخلاف والمرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية، وتحديد المسائل العالقة التي يجب حلها لتمكين مفوضية الانتخابات من الشروع في تنفيذ قانوني الانتخابات الصادرين عن مجلس النواب.
فيما اعتبر مراقبون سياسيون ونواب مبادرة باتيلي الخماسية فاشلة، وقال عضو مجلس النواب خليفة الدغاري أن المبادرة لم تدرس جيداً ردود الفعل الداخلية سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الشعبي، ولم تدرس حتى ردود الفعل الخارجية من قبل الأطراف المتداخلة في الشأن الليبي.
وقال النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة مسعود عبيد أن باتيلي لم يدرس هذه المبادرة جيداً، ولم يعد لها بالشكل المطلوب، وهي عبارة عن مضيعة للوقت.
إجماع شعبي
وأعرب سياسيون وبرلمانيون وجموع الشعب الليبي عبر العديد من اللقاءات والندوات والتجمعات والمنصات الإلكترونية، عن رغبتهم في احتواء كافة الخلافات ونبذ التدخلات الخارجية التي تعرقل حلم الانتخابات، وطالبوا بإقامتها على أقصى تقدير في النصف الأول من العام الجديد 2024.
وشددوا على أنه في حال تحقق حلم الانتخابات سيتمكن الليبيون من اختيار رئيس وبرلمان جديدين، فضلاً عما ستسفر عنه الانتخابات من استعادة أمن واستقرار البلاد وتوحيد مؤسساتها الرسمية.