قال سبحانه وتعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(53: فصلت) ان ما يعيشه العالم من رعب وفزع وخوف من جندي من جنود الله لايكاد يراه الناس، يخلق عند البشر رعبًا لم يشهده العالم، حين ينتشر فى الأرض فيروس كورونا يحمل معه الموت دون تفريق بين ملك أوخادم، بين وزير أو فقير، بين مسلم ووثني، بين مسيحي ويهودي.
اقرأ أيضا: «وثيقة الدخول فى الإسلام» كتاب جديد للكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي
إنه بلاغ للناس بما ظلموا وبما أجرموا في أنفسهم من سفك للدماء واستباحة لحقوق الناس، والتسابق على تطوير الأسلحة الفتاكة لقتل الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء، من هدم للبيوت على أصحابها، وانتشار الفساد بكل أشكاله، والناس فى غيهم يلعبون، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وقد حذرالله عباده منذ أربعة عشر قرنًا بقوله سبحانه (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )(41 : الروم)
فالله برحمته بالرغم من ظلم الإنسان لإخيه الإنسان ، وبرغم الجرائم التى ارتكبها البشر وماكسبت أيديهم من ظلم ووحشية، وغرت الأقوياء قوتهم، وأغوت الاغنياء أموالهم وتضخمت ذواتهم، وظنوا أنهم قادرون على كل شيء، دون أن يتذكروا بأن الله يرى ويعلم كل شيء فى كونه، تأكيدا لقوله سبحانه (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ )(16: لقمان) وقال سبحانه (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا )(110:طه).
لذلك فالله سبحانه نهى عن الظلم والعدوان، وحذرالظالمين من عذاب وعقاب، من أجل ان ينعموا بالسلام، ويستمتعوا بالحياة الدنيا ويرجعوا إلى الله، ويلتزموا بأوامره ويطبقوا تشريعاته، وعلى رأسها الرحمة والعدل والإحسان وعدم الاعتداء على حقوق الناس وتحريم قتل النفس، أو استباحت الأراضي والأموال فالله يحذر عباده بقوله سبحانه وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا)(59:الكهف).
فليتق الله كل من امتلك قوة وكل من انعم الله عليه بمال وعزوة ان يخشى الله فى عباده، ولايتجاوز تحذير الله فى اغتصاب أرض اوستباحة حق، أو ظلم قوم باحتلال أرضهم أو تسخيرهم لمصلحته، أو نهب ثرواتهم أو الإسراف فى التلاعب بأموال الشعوب واستغلالهم، فالله سينزل عليه عقابه فى الدنيا قبل الآخرة، ومانراه اليوم إنذار لكل من طغى وتجبر، ولكل من حكم وقرر وكل من عصى الله فى أمر وتكبر، فإن الله له بالمرصاد، والله بلغنا بآياته فى كتابه المبين بقوله سبحانه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(16:ق) فهو سبحانه معنا فى كل لحظة، وقدرته جل وعلا تنسف كل من يغفل عن ذكره، فإن نزل عليه عقابه فحسابه عسير وعذابه عظيم، خسر حياته فى شقاء وضنك ويوم القيامة (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)(48: القمر) وقال سبحانه (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )(160: البقرة)