بقلم: إدريس أحميد صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي و الإفريقي
تستمر الأزمة الليبية بين التعقيدات والتفاؤل بإيجاد حل فمنذ 13 عامًا، والتحليلات والأفكار والدعوات الدولية لم تؤتِ ثمارها، والدول المتدخلة في ليبيا التي قادت عملية التدخل العسكري وساهمت في إسقاط النظام، وعدت بنشر الاستقرار والديمقراطية، إلا أن البلاد لا تزال تتجه من أزمة إلى أخرى.
البداية الفاشلة لبناء دولة المؤسسات: منذ سقوط النظام السابق، لم توضع أسس لبناء دولة المؤسسات والدستور. كان الهدف الرئيسي هو إسقاط النظام، في وقت كان من الواضح أن المجتمع الليبي منقسم بين مؤيد ومعارض، وأن انتشار السلاح سيزيد من صعوبة التوافق الوطني. ولم تكن هناك إرادة ليبية كافية لقيادة البلاد بعيدًا عن التدخلات والمصالح الأجنبية. أعلن التحرير، أجريت انتخابات، وسلم المجلس الانتقالي السلطة، لكن الفشل في حل مشكلة انتشار السلاح أدى إلى إنشاء مليشيات تسببت في انقسام بين الثوار الليبراليين والإسلاميين.
فشل بناء الدولة: بدلاً من التأسيس لمرحلة جديدة من البناء والتداول السلمي للسلطة، اتخذت العملية السياسية مسارًا منحرفًا، مع التركيز على أجندات سياسية ضيقة. الانتخابات الأولى في 2012 شهدت إقبالاً كبيرًا، لكنها سرعان ما تحولت إلى ساحة صراع بين الفصائل المختلفة. في عام 2014، رفضت بعض القوى نتائج الانتخابات البرلمانية، وأدى ذلك إلى حروب داخل العاصمة طرابلس دمرت مؤسسات الدولة، بما في ذلك المطار.
الأمم المتحدة والحلول المؤقتة: تم إرسال ثمانية مبعوثين أمميين إلى ليبيا، لكنهم فشلوا في تحقيق حل نهائي للأزمة. بدلاً من ذلك، تم التوصل إلى اتفاقات مؤقتة مثل اتفاق الصخيرات وجنيف، التي أسفرت عن تشكيل حكومات مؤقتة، دون معالجة جذور الأزمة مثل تفكيك المليشيات أو توحيد المؤسسة العسكرية. القرارات الدولية تحت الفصل السابع لحل المليشيات لم تُنفذ حتى الآن، مما يعرقل الاستقرار وإجراء الانتخابات.
الصراع الدولي على ليبيا: يُعد التدخل الأجنبي أحد الأسباب الرئيسية لعدم استقرار ليبيا. تضاربت مصالح الدول المتدخلة مثل فرنسا، الولايات المتحدة، بريطانيا، وروسيا، التي حاولت تعويض خسارتها بعد تدخل الناتو. تتباين مواقف القوى الكبرى في مجلس الأمن؛ فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق استقرار طويل الأمد، تواصل بريطانيا دعم الإسلام السياسي بشكل سري، في حين تهتم فرنسا بمصالحها في الجنوب الإفريقي. إيطاليا تركز على التعاون الاقتصادي وحل أزمة الهجرة، وتركيا التي تدخلت لدعم حكومة الوفاق، بدأت أيضًا في تغيير مواقفها بناءً على مصالحها الاقتصادية في إعادة إعمار ليبيا.
دور دول الجوار: ترتبط بعلاقات وروابط اجتماعية وحدود مشتركة وعلاقات اقتصادية ، و احتضنت مؤتمر دول جوار ليبيا .ونتطلع لتفهمها لأهمية استقرار ليبيا الذي ينعكس ايجابيا عليها ، وخاصة فيما يتعلق بتأمين الحدود مم خلال المجهودات التي ، يقوم بها الجيش الليبي الذي سيطرة على الحدود مع جميع دول الجوار.
الخلاصة: في النهاية، على الرغم من التأثير الكبير للتدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية، تبقى المسؤولية الكبرى على الليبيين أنفسهم لإنهاء هذه التدخلات والدفاع عن سيادة بلدهم.