قدم الوزير المفوض الدكتور/ علاء التميمي مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجي بجامعة الدول العربية ورقة بحثية بعنوان: “دور الشراكات بين مراكز الفكر في محاربة المحتوى المتطرف على منصات التواصل الاجتماعي” في أعمال ورشة العمل المتخصصة بعنوان: “محاربة المحتوى المتطرف على شبكات التواصل الاجتماعي”، ضمن أعمال المؤتمر التاسع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان: الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع”، والمنعقد يومي 29-30 تموز/يوليو 2024.
موضحاً إن علوم التكنولوجيا، تُعد لغة عصرنا الحالي وثقافته التي تعبر عنه، وتعكس أوجه حضارته المتطورة، وعلى رأس قمة هذا التطور والتقدم التكنولوجي، تأتي منصات التواصل الاجتماعي، فهي تقنية ذات وجهين قابلة لأن تُستعمل في نشر العلم والخير بين الناس أو تستعمل لنشر الأفكار المتطرفة والإرهابية أو بث الشائعات والمفاهيم المغلوطة حيث أصبحت هذه المنصات وسيلة رئيسية لنشر المحتوى المتطرف والتجنيد للأفكار المتطرفة. وتكمن خطورتها في سهولة استعمالها، وبذلك تشكل خطورة بالغة على سلامة القيم الدينية والأخلاقية للمجتمعات العربية والإسلامية، وقد استغلتها العصابات الإرهابية في سبيل زعزعة الأمن والاستقرار في تلك المجتمعات، ومحاربة كل الأنشطة الهادفة إلى رفع الوعي المجتمعي للتمييز بين الحق والباطل، ويتطلب التصدي لهذه الظاهرة تعاونًا وثيقًا بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومات، شركات التكنولوجيا، ومراكز الفكر التي تلعب دورًا محوريًا في تقديم البحوث والتحليلات التي تدعم الجهود الرامية لرصد وتتبع المحتوى المتطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي بفعالية، وضرورة الاهتمام بصناعة الوعي المجتمعي، وإحياء مفاهيم الوطنية والمواطنة، وبناء الإنسان الحضاري.
وقد استعرض التميمي في ورقته البحثية أربعة محاور أساسية، أولها: أهمية الشراكات بين مراكز الفكر؛ والتي توفر منصة لتبادل المعرفة والخبرات، مما يعزز القدرات التحليلية لهذه المراكز في فهم وتتبع الأنماط المتطرفة على الإنترنت. كما تساهم الشراكات في تكامل البيانات من مصادر متعددة، مما يساعد في تقديم صورة شاملة ودقيقة عن الأنشطة المتطرفة عبر مختلف المنصات. ومن خلال التعاون يمكن لمراكز الفكر تطوير استراتيجيات مشتركة لمكافحة المحتوى المتطرف، استنادًا إلى أفضل الممارسات والأدلة العلمية.
أما المحور الثاني: تناول فيه أبرز آليات التصدي للمحتوى المتطرف على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي: التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، والتبليغ والإبلاغ، والتعاون مع الحكومات والمؤسسات، والتثقيف والتوعية، والتشفير والخصوصية، والإجراءات القانونية التي تعاقب نشر المحتوى المتطرف، والمراقبة والتحليل المستمر.
فيما حدد في المحور الثالث: آليات بناء الشراكات؛ من خلال: إنشاء منصات تواصل رقمية تتيح تبادل المعلومات والبيانات بشكل آمن وفعال. وتنظيم ورش العمل والمؤتمرات الدورية التي تجمع بين الخبراء والباحثين من مختلف المراكز لمناقشة التحديات والابتكارات في مجال مكافحة التطرف. وإطلاق مشاريع بحثية مشتركة تهدف إلى دراسة ظواهر معينة تتعلق بالتطرف على الإنترنت، مع توزيع المهام بين المراكز المشاركة. وتشجيع تبادل الباحثين والخبراء بين مراكز الفكر لتعزيز التفاهم المتبادل ونقل المعرفة والتجارب.
وفي المحور الرابع: استعرض أبرز التحديات والحلول المقترحة لها؛ وهي: التحدي الأول: هو التنسيق والتعاون بين المراكز المختلفة. ويمكن التغلب على هذه التحديات من خلال وضع آليات تنظيمية واضحة وتحديد أدوار ومسؤوليات محددة لكل مركز. والتحدي الثاني: هو حماية البيانات والخصوصية. ويجب على مراكز الفكر تبني سياسات صارمة لحماية البيانات وضمان استخدامها بشكل مسؤول وأخلاقي. والتحدي الثالث: التمويل والدعم المالي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال السعي للحصول على دعم مالي من الحكومات والمؤسسات الخيرية والمنظمات الدولية.
وقد توصلت الورقة البحثية إلى مجموعة من التوصيات؛ أبرزها: إطلاق مبادرة رقمية للتوعية المجتمعية بمخاطر نشر المحتوى المتطرف في وسائل الإعلام الحديثة عبر المنصات الرقمية العائدة لها تحت رعاية مشتركة بين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وإطلاق مشروع بحثي مشترك لمراكز الفكر في الدول العربية بهدف دراسة ظاهرة انتشار المحتوى المتطرف على منصات التواصل الاجتماعي تحت رعاية مشتركة بين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وإعداد دليل أو إرشادات تحكم الاستخدام المهني لمواقع التواصل الاجتماعي وكيفية التعامل مع ما ينشر على هذه الوسائل من محتوى متطرف وأخبار ومعلومات مضللة تحت رعاية مشتركة بين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وإنشاء منصة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت رعاية الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تساند تجديد الخطاب الديني والإعلامي والثقافي الإسلامي والتصدي للمحتوى المتطرف. وبناء تحالفات ومشروعات مشتركة عابرة للتخصص والحدود، تجمع بين مراكز الفكر والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية والتقنية والمدنية وكذلك الحكومية، سواء في الدولة الواحدة أو عبر الدول، بما يحشد الطاقات ويعمل على صياغة آليات مشتركة في عمليات التصدي للمحتوى المتطرف. وتشجيع نماذج الأعمال الإعلامية المناهضة للمحتوى المتطرف، وذلك عبر مشروعات إعلامية تطور تقنيات المكافحة وتنتج المحتوى المضاد لها وتقدم الخدمات المتخصصة في ذلك بما يؤسس لمجال أعمال واعد يعمل على تطوير حلول إبداعية لعمليات الاستقصاء والتدقيق. ودحض بيئة التضليل، من خلال إتاحة المعلومات وتحفيز التفكير النقدي وتطوير أداء المؤسسات الإعلامية وبناء جسور الثقة مع المستخدمين، والاستفادة من التجربة الدولية في تطوير الأداء الإعلامي المناهض للمحتوى المتطرف بإصدار الأدلة وتضمين عمليات التدقيق في برامج التأهيل والتقويم والمحاسبة. ويتضافر مع ذلك دعم مفاهيم التحقق والاستقصاء سواء من خلال عمليات التأهيل والتدريب اللازمة للإعلاميين، منعًا لإعادة تدوير المحتوى المتطرف في وسائل الإعلام التقليدي، أو بتعزيز مفاهيم التربية الإعلامية على مستوى الجمهور، بما تحمله من مهارات للنقد والتمييز والتفنيد.