القاهرة – حنفي الفقي:
واصل الدكتور محمد مهنا أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ورئيس مجلس أمناء البيت المحمدي درسه الأسبوعي بمسجد ابن عطاء الله السكندري مستكملًا شرح كتاب تاج العروس الحاوي، متحدثًا عن القلب وما يخطر عليه من خواطر، وأنه ملك الأعضاء فإن صلح صلحت البقية وأن من يسارع بالتوبة فإن الله اصطفاه ليكون من المحبوبين، وأنه على العبد أن يعلم إحسان الله عليه فيشكره فقد قال ابن عطاء الله: نعمتان لا يخلو منهما موجود نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، فالله خلقنا من العدم وأمدنا بنعمه الكثيرة الظاهرة والباطنة.
وأوضح د. مهنا أن الله غني عن عباده، ولكنه أمرنا بالطاعة لننتفع بها نحن فهو سبحانه لاتتفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا وإنما جعلها لتكون سببًا في نفعنا، وقد قال في الحديث القدسي : يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه مُحرَّمًا فلا تَظالموا ، يا عبادي إنَّكم تُخطِئون باللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفِرُ الذُّنوبَ جميعًا ولا أُبالي فاستغفروني أغفِرْ لكم ، يا عبادي ! كلُّكم جائعٌ إلَّا من أطعمتُ فاستطعِموني أُطعِمْكم ، يا عبادي ! لم يبلُغْ ضُرٌّكم أن تضُرُّوني ولم يبلُغْ نفعُكم أن تنفعوني ، يا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإِنسَكم اجتمعوا وكانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ منكم لم يُنقِصْ ذلك من مُلكي مثقالَ ذرَّةٍ ، ويا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإنسَكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني جميعًا فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَه لم يُنقِصْ ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يُنقِصِ المَخيطُ إذا غُمِس في البحرِ ، يا عبادي ! إنَّما هي أعمالُكم تُرَدُّ إليكم ، فمن وجد خيرًا فليحمَدْني ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلَّا نفسَه.
وقال العلماء إن الدين شكر وصبر ،شكر على النعم،وصبر على البلاء .
وأضاف د.مهنا: أن من لم يقبل على الله تعالى بسلاسل الإحسان، قيده إليه بسلاسل الامتحان ،فبالحمد والشكر تدوم النعم وبالجحود تنزل النقم، فإذا جعلك الله في الظاهر ممتثلًا لأمره وفي الباطن مستسلمًا لقهره راضيًا بقضائه وقدره فقد أعظم المنة عليك .
والعز كله في الذل إلى الله تعالى والغنى كله في الفقر إلى الله تعالى،وليعلم العبد أن الله مطلع عليه في كل لحظة ومطلع على ما في قلبه فإن ذلك يجعل الإنسان يراقب ربه ويحاسب نفسه