(مركز الدراسات )

نرصد الصراع بين الشرعية الشعبية والدولية في ليبيا بعد سحب البرلمان الثقة من الحكومة

رئيس مجلس النواب: سحب الثقة للحفاظ على مقدرات الدولة من العبث.. ورئيس الحكومة يحرض على المجلس

رئيس حزب الحركة الوطنية: ما يحدث بين الحكومة والبرلمان عبث وضعنا فيه أعداؤنا

أستاذ قانون دولي: قرار البرلمان شرعي.. ورئيس الحكومة لا يحق له الترشح.. والغرياني يناقض نفسه.. ومغردون يفضحون كذبه

تقرير – محمد فتحي الشريف

قرر مجلس النواب في جلسة الثلاثاء الماضي سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وذلك بعد تصويت 89 نائبا من إجمالي 113 عضوا حضروا تلك الجلسة، وكان القرار مفاجأة للشارع الليبي والعربي، وذلك بعد طلب عدد من أعضاء مجلس النواب من رئيس الحكومة الامتثال أمام المجلس في جلسة استجوب في وقت سابق، ولم يلتزم الدبيبة في بداية الأمر ثم سرعان ما طلب من المجلس إرسال النقاط الخاصة بالاستجواب وبعدها حضر رئيس الحكومة جلسة الاستجواب ولكنه لم يقدم إجابات مقنعة للنواب وخاصة فيما يتعلق ببعض بنود الميزانية والاتفاقات الخارجية التي أبرمت مع بعض الدول، فيما طلب عدد 45 نائبا من البرلمان عقد جلسة لسحب الثقة من الحكومة، وجاءت جلسة الثلاثاء الماضي لتسفر عن سحب الثقة من الحكومة في خطوة تم استغلالها من قبل جماعة الإخوان الإرهابية ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة للتصعيد ضد مجلس النواب ومحاولة النيل من شرعية وتأجيج الرأي العام المحلي والعربي والدولي على المجلس.

متحدث مجلس النواب: الحكومة مستمرة في تصريف الأعمال.

قال مجلس النواب على لسان الناطق باسمه عبد الله بليحق إن الحكومة مستمرة في أعمالها، حكومة تسيير أعمال، ولا علاقة للقرار بخدمات المواطن وأي قرارات تخدمه، ورأى أن سحب الثقة من الحكومة لن يؤثر على موعد الانتخابات، مشيرا إلى أن البرلمان يراه دعما لإجرائها.

البعثة الأممية: الحكومة هي الشرعية

هنا ظهر موقف البعثة الأممية في بيان أكد أن حكومة الوحدة الوطنية الحالية تظل الحكومة الشرعية حتى يتم استبدالها بحكومة أخرى من خلال عملية منتظمة تعقب الانتخابات.

وكشف رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح عن اتصال هاتفي أجراه مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيتش، قائلا إنه “أزال من خلاله الالتباس في شأن بقاء ليبيا من دون حكومة”، معتبرا أن “المبعوث الأممي لا يملك الحق في الاعتراض على مسألة داخلية”.

وتابع صالح: “كوبيتش اقتنع بكون مسألة الانتخابات لا ترتبط بالحكومة أو مجلس النواب بل بمفوضية الانتخابات، ولها الحق في التصرف المالي باستقلالية تامة”، نافيا “وجود نيات لتعيين حكومة جديدة قبل الانتخابات”.

مجلس النواب يصدر حيثيات القرار

على الرغم من استنكار البعض للخطوة التي اتخذها المجلس من حيث التوقيت، إلا أن رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح خرج في تصريحات صحفية وعدد الأسباب الجوهرية لقرار سحب الثقة، إذ قال: إن ردود الحكومة على المساءلة لم تكن مقنعة لأعضاء المجلس، وبناء على ذلك طلب ربع النواب سحب الثقة من الحكومة طبقا للقانون وحدد المجلس جلسة لمناقشة الردود وجلسة أخرى لاتخاذ قرار لسحب الثقة من عدمه، لافتا إلى أنه في جلسة الاثنين 20 سبتمبر لم يحضر النصاب المقرر لسحب الثقة وهو 86 نائبا (50%+1).

وأضاف ن “النواب الذين حضروا في جلسة الاثنين وعددهم 72 نائبا رأوا أن تشكل لجان برلمانية للتحقيق مع الحكومة وجرى تعليق الجلسة لليوم التالي (الثلاثاء).

وتابع رئيس المجلس قائلا: لكن تبين أن عدد النواب الذين طالبوا بسحب الثقة من الحكومة جددوا طلبهم بمناقشة الأمر، وكان عدد الحاضرين في جلسة الثلاثاء 113 نواب، وجرى التصويت بموافقة 89 نائبا على سحب الثقة.

وأوضح أن المجلس تلقى «مكاتبات من نواب خارج مدينة طبرق عددهم 11 نائبا يطالبون بسحب الثقة، ولكن لم يجر احتسابهم.

رئيس مجلس النواب: سحب الثقة للحفاظ على مقدرات الدولة.

في السياق ذاته وخلال مقابلة تلفزيونية مساء الجمعة الماضية كشف المستشار عقيلة صالح، عن سبب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، مؤكدا أن السبب هو تحجيم عملها في الخارج، بالإضافة إلى تقصيرها في تقديم الخدمات المطلوبة منها.

وأضاف “صالح قائلا: إن البرلمان كان يخشى من توقيعها عقودا طويلة الأجل، قد ترتب ديونا على الدولة الليبية في المستقبل.

وأوضح أن سحب الثقة من الحكومة، لن يؤثر في تقديمها الخدمات للمواطن، مضيفا إنها بالأساس حكومة تصريف أعمال وواجباتها خدمية، ويمكنها الالتزام بما تعهدت به، وفق قوله.

عقيلة صالح: المواطنون من حقهم التعبير عن رأيهم.. ومن لديه شعبية فليترشح

وعلق عقيلة صالح على خروج المواطنين للمطالبة بإسقاط البرلمان قائلا: إن المواطنين من حقهم التظاهر والتعبير عن رأيهم، وإيصال صوتهم للمعنيين.

وأوضح عقيلة أنه سيصدر القانون البرلماني خلال الجلستين القادمتين، موضحا أنه في حال لم يصدر قانون الانتخابات البرلمانية فعلى المفوضية العمل بالقانون السابق ( قانون 10 لسنة 2014).

وقال عقيلة “لا نريد إقصاء أحد ومن يرى أن لديه شعبية ترشحه للرئاسة أو البرلمان فليتقدم وفق القانون الصادر بالخصوص، وموعد الانتخابات يقترب ولا يمكن تحمل أي عرقلة في صدور القوانين بدعوى التشاور”.

الزائدي: المفتي المعزول يواصل تحريضه وفتواه الغريبة المضحكة المبكية ضد الشعب.

في السياق ذاته دعا الدكتور مصطفى الزائدي رئيس حزب الحركة الوطنية الليبية، في تدوينه بصفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بمحاكمة المفتي المعزول لتحريضه على التظاهر وقال الزائدي: لقد صدق القول بأن هذا المفتي ما هو إلا مفتنا يدعو إلى استمرار الصراع ومزيد القتل والدمار، ولعل فتواه الغريبة المضحكة المبكية بالأمس حول مجلس النواب وتكفيره وتجريم أفعاله ودعوة الناس للتظاهر ضده دليل جديد يضاف إلى سلسلة الأقوال والأفعال الصادرة منه والتي كانت السبب الأهم فيما نحن فيه من مآس لم تكن تخطر على الليبيين ولا في الأحلام، وفي تناقض صارخ كان قد أفتى قبل أيام قليلة بأن إجراءات الرئيس التونسي ضد مجلس النواب في تونس انقلاب وطالب بقطع العلاقة معهم!.

رئيس حزب الحركة الوطنية: ما يحدث بين الحكومة والبرلمان عبث وضعنا فيه أعداؤنا

ويضيف “الزائدي” في تدوينته قائلا: إن ما قام به مجلس النواب وما تفعله الحكومة لا يخرج عن دائرة العبث التي وضعنا فيها من قبل أعدائنا.

ويؤكد، أن ما ذهب إليه المفتي وجماعته لا علاقة له بالوطن وحقوق الشعب، فنظريا عند المفتي حسب أدبيات جماعته في الماضي، الديمقراطية والاشتراكية والقومية شعارات كفرية ممنوعة حسب شرعهم، والتظاهر بدعة تؤدي إلى الضلالة إلى آخر الأسطوانة المنسوبة زورا للنبي!

 وتساءل الزائدي قائلا: ما علاقة دار الإفتاء بنزاع سياسي بين الحكومة ومجلس النواب؟ الجواب الذي نبهنا عليه مرات عديدة، يكمن في محاولات إقامة دولة ثيوقراطية حيث الحكم عند من يسمون أنفسهم رجال الدين فيحكمون باسم الله، يكفرون ما يخالفهم، ويرضون عمن يتبعونهم.

ويكمل رئيس حزب الحركة الوطنية قائلا: أنا لا أتفق مع مجلس النواب في سحب الثقة من الحكومة تماما كما كنت ضد منحه الثقة لها.. لكون ذلك عملا صوريا مسرحيا في كلتا الحالتين، فهي حكومة معينة علنا من سلطات الوصاية وأدواتها، بعثه هيئة الأمم ومركز الحوار الإنساني، في مسرحية جنيف وانتخابات الخمسة والسبعين المعينين من مركز الحوار المشبوه، فمنح ثقة مجلس النواب كانت عملية شكلية مفروضة من الخارج لإضفاء شرعية محلية صورية عليها، في محاولة للضحك على عقول الناس، وسحب الثقة الآن لن يغير من الأمر شيئا سيان استجاب الناس لدعوات المفتي أو أغرتهم شيكات الزواج وصريرات البلديات، أو لم يستجيبوا، فالحكومة باقية إلى أن يأذن من عينها ومكنها ويحميها وهم جميعا خارج إرادة مجلس النواب ولا يهتمون لمطالب الشعب الصامت أو المتظاهر ولا المنتظر لفرج الله القريب بإذن الله.

واختتم الزائدي قائلا: أعتقد أن الوقت قد حان للمطالبة بمحاكمة الصادق الغرياني عن الأذى الذي أصاب الوطن والشعب نتيجة أقواله وأفعاله.

الإخوان يستغلون القرار

كعادتهم في ركوب الموجة عند كل اختلاف أو جدل حذر حزب «العدالة والبناء» التابع لجماعة الإخوان، من أن هذه «خطوة تنحو للتصعيد والتوتر الذي يصب في صالح تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر، وينذر بقسمة البلد ويهدد وحدتها.

المفتي المعزول يناقض نفسه ومغردون يفضحون كذبه.

 في فصل جديد من فصول الغش والتدليس والتناقض علق المفتي المعزول الصادق الغرياني على قرار البرلمان بسحب الثقة من حكومة الدبيبة قائلا: “إسقاط البرلمان في ليبيا واجب شرعي”، وهو ما دعا عددا من المغردين يفعلون وسما على الفيسبوك بعنوان “الغرياني بين تونس وليبيا”، إذ نشروا صورته وتحتها تصريحه الخاص بتجميد البرلمان في تونس بتاريخ 28 يوليو عام 2021 وهو يقول تجميد البرلمان في تونس انقلاب على الشرعية، وصورة أخرى بتاريخ 23 سبتمبر عام 2021 يقول فيها “إسقاط البرلمان في ليبيا واجب شرعي”.

لم يتوقف الغرياني طوال تاريخه الظلامي في ليبيا على التحريض فلقد وجه الغرياني دعوة إلى التظاهر لإسقاط البرلمان الذي عزله في عام 2014، بسبب فتاواه المحرضة ضد الشعب، وقال الغرياني، في بيان نشرته دار الإفتاء التي يرأسها بالمخالفة لقرار مجلس النواب، إن مجلس البحوث بدار الإفتاء الليبية، يدعو جميع الليبيين إلى الخروج في مختلف المدن والقرى، لإسقاط مجلس النواب. وزعم الغرياني، أن “التخلص من مجلس النواب أصبح ضرورة”، قائلا: “تقرر شرعا أن “الضرر يزال”، ودفع الضرر عن الناس واجب لا يسع تركه، ولا يتم ذلك إلا بخروج الناس، للمطالبة بإسقاطه”.

الزبيدي: قرار البرلمان شرعي ورئيس الحكومة لا يحق له الترشح.

في السياق ذاته قال الدكتور محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي في الجامعات الليبية، إن تصويت 89 نائبا على قرار سحب الثقة يعد شرعيا إذا ما تم الاستناد على المادة 7 والمادة 149 من القانون رقم 4 لسنة 2014 وتعتبر الحكومة بموجب ذلك حكومة تسيير أعمال أي إدارة المرافق العامة بانتظام واطراد إلى حين اختيار حكومة بديلة.

وأضاف “الزبيدي” في تصريحات قائلا: على الرغم من شرعية القرار إلا انه إذا تم الاستناد إلى الاتفاق السياسي المبرم في 17-12-2015 فإنه طبقا لأحكام المادة الأولى الفقرة الخامسة فإن تصويت 88 نائبا بحجب الثقة يعد باطلا لأن العدد المطلوب وفقا لإحكام الفقرة الخامسة من المادة الأولى هو 120 عضوا شريطة موافقة مجلس الدولة على سحب الثقة.

ويضيف أستاذ القانون الدولي، إن مجلس النواب يرى أن الإجراء قانوني ولا يشوبه عيب لصدوره بأغلبية الأصوات سواء الحاضرون أو الأغلبية البسيطة، فالأغلبية البسيطة هي نصف عدد الأعضاء زائد واحد أي 86 نائبا، من أصل مجموع أعضاء مجلس النواب.

وأكد الزبيدي أن رئيس الحكومة لا يحق له الترشح في الانتخابات المقبلة وفقا للاتفاق السياسي يمنع عليه الترشح لأي منصب سيادي في موعد الانتخابات 24-12-2021 وسحب الثقة من حكومته يغل يده في التصرف بحرية دوليا ومحليا لذلك يسعى أسوة بالسراج إلى تجاوز مجلس النواب إما بالتفرد بالحكم أو استقطاب نواب لطرابلس وإنشاء مجلس نواب مواز لطبرق واعتماده كجسم شرعي يستمد منه شرعية حكومته وربما إطالة عمر الحكومة ورفض إجراء انتخابات في موعدها المقرر.

نواب يشككون في إجراءات سحب الثقة

في المقابل شكك (39) عضوا في المجلس في التصويت، وقالوا في بيان ذيل بتوقعيهم عليه: إن عملية العد تمت بطريقة غير صحيحة وإن العدد الحقيقي لا يتجاوز في أفضل الأحوال 73 صوتا، وبالتالي غير كاف لسحب الثقة من الحكومة، وفقا لنص المادة 194 من النظام الداخلي، التي تؤكد أن الأغلبية المطلوبة لسحب الثقة من الحكومة هي الأغلبية المطلقة لأعضائه والبالغة 87 عضوا يصوتون بنعم لسحب الثقة وهو ما لم يحدث، واصفين – في بيان – ما حدث بأنه «تضليل داخل قاعة مجلس النواب في حساب عدد الأصوات التي صوتت على سحب الثقة من الحكومة».

رئيس الحكومة يستغل الموقف ويظهر في عباءة الزعيم

أكد عبد الحميد الدبيبة في كلمة في ختام بطولة الجامعات لكرة القدم الخماسية بمدينة الزاوية عزم حكومته مواصلة مسيرة “الحفاظ على الوطن”، وطرد «شبح الحرب» دون رجعة، ودعا إلى التظاهر ضد البرلمان يوم الجمعة في ميدان الشهداء.

توافد عدد من المتظاهرين يوم (الجمعة) الماضية على ميدان الشهداء بطرابلس، استجابة لدعوة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، التي أطلقها الثلاثاء الماضي.

وحسب متابعين من طرابلس، فإن هناك عدة حافلات تتبع رئاسة الوزراء وعائلة الدبيبة نقلت المتظاهرين من عدة مناطق حول طرابلس، بعد أن تم الاتفاق معهم على الحضور في وقت سابق، كما ظهرت كل جماعة الإخوان الإرهابية في الميدان.

من جانبها اعتبرت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي، أن شعار تظاهرات ميدان الشهداء بطرابلس، التي دعا إليها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية وجماعة الإخوان، ردا على سحب مجلس النواب الثقة من حكومته، تعبر عن نيتهم في عدم إجراء الانتخابات في موعدها.

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى