تعد المسئولية المجتمعية من أهم الواجبات الملحة على عاتق الجامعات، فهي التزام أخلاقي مستمر من قبل هذه الجامعات في تطوير المستوى التعليمي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي والبيئي لمنتسبيها وأفراد المجتمع بأكمله، وتحسينه من خلال توافر الخدمات والتسهيلات المتنوعة التي تسهم في تنمية إنسانية مستدامة لتعزيز علاقة هذه الجامعات بالمجتمع.
ان مفهوم المسئولية المجتمعية يلعب دور واضح خصوصا لدى المؤسسات والشركات التجارية التي تهدف للربح ولكن اليوم توسع هذا النطاق ليشمل أيضا الجامعات، حيث ان له انعكاسات إيجابية على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجامعات ويعزز من قوة العقد الاجتماعي للجامعة بالمجتمع المحيط بها من خلال مبادرات وشراكات مجتمعية فعالة بما يحقق استدامة العمل المجتمعي.
وفى ظل تحول الجامعات الى جامعات الجيل الرابع وتطبيق رؤية الدولة المصرية وخطط التنمية المستدامة لعام 2030، فالجامعات عليها ان تعمل وتتلقى باستمرار تغذية راجعة من المجتمع حول رغباته واحتياجاته ومتطلباته والتحديات التي يواجها وبالتالي تقوم الجامعات بدورها المحوري في تطوير وتحسين أدواتها العلمية وامكانياتها المادية والبشرية بما يلبي هذه المتطلبات لتكون بذلك شريكة في البناء المجتمعي وحاضرة في كافة تفاصيله.
وعلى الجامعات ان تقدم نموذج لاستراتيجية متكاملة للمسئولية المجتمعية كآلية عملية يمكن اتباعها وتعزز من سياسة التطبيق والمحاسبة ويقترح ان تكون ركائزها البيئة والاستدامة، والمواطنة والحوكمة، والمجتمع الداخلي والخارجي، والمسؤولية الأخلاقية والوطنية، والتطوع والعمل الخيري، وأخيرا التزام القيادة الاكاديمية.
ومن آليات التطبيق المتكاملة للمسئولية المجتمعية تشكيل فرق عمل متنوعة الخبرات والامكانيات، والمراجعة لرؤية ورسالة الجامعة لتتضمن دورها في المسئولية المجتمعية، وبناء إستراتيجية للمسئولية المجتمعية للجامعة مع ترسيخ ثقافة المسئولية المجتمعية لدى منسوبي الجامعة، ووضع سياسة واضحة ومعلنة للمسئولية المجتمعية للجامعة بمشاركة أطراف متنوعة من داخل وخارج الجامعة، وتحديد اهداف المسئولية المجتمعية للجامعة (اجتماعية واقتصادية وبيئية)، واستحداث وحدات فاعلة ومكاتب للمسئولية المجتمعية بالجامعة، واصدار دليل للمسئولية المجتمعية للجامعة واستحداث مؤشرات الأداء القياسي للأنشطة المسئولية المجتمعية.
وعلى الجامعات ان تؤهل نفسها للحصول على شهادات دولية متخصصة في المسئولية المجتمعية مثل شهادة الايزو 26000 مع العمل باستمرار على تطوير برامج التعاون مع مؤسسات العمل الخيري وتطوير برامج الرعاية الصحية والوقاية من الانحرافات الفكرية والأمنية وتطوير برامج الصحة والسلامة المهنية وقضايا الطفل والاسرة والمرأة والوقاية من الإدمان ومخاطر الشائعات.
وعلى الجامعات أيضا ان تعمل على إزالة كافة المعوقات التي تحد من ممارستها للمسئولية المجتمعية سواء كانت إدارية، او مالية، او قانونية، او اجتماعية، او بيئية لما يعود من تطبيقها من منافع وفوائد عديدة.