لقد شهدت البشرية منذ نشئت الخليقة صراعات وحروب ، داخلية وخارجية لعدة أسباب اجتماعية واقتصادية ودينية ، من اجل البقاء وسيطرة القوي على الضعيف ، حيث الظلم في ظل عدم وجود شرعية أو قوانين تحقق العدل والمساواة ،وأهمها الحروب الدينية التي دارت رحاها ، في جميع قارات العالم ، وفي مختلف العصور من أجل نشر الديانات .
فكانت الحرب العالمية الاولي في 28يونيو عام 1914 والتي بدأت بذريعة ، اغتيال طالب صربي لملك النمسا وزوجته اثناء زيارته لسيراييفو ، فهذا هو السبب المباشر لاندلاع الحرب .
ولكن الأسباب الحقيقة هو النفوذ والسيطرة السياسية أو الجيوسياسية والاقتصادية .
((عصبة الأمم ))
اسست الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولي ،وهي بريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا في 10 يناير 1920 ، بناء على معاهدة قصر فرساي في باريس 1919
وكان هدفها الحفاظ على السلام العالمي . ونزع السلاح والاحتكام إليها لتسوية النزاعات الدولية .
الحروب.
وقد انظمت إليها أعضاء جدد بين عامي 1934 و 1935 أكثر من خمسين عضو.
وقد استطاعت تأسيس منظمات دولية :
– منظمة الصحة العالمية.
– منظمة الثقافة والعلوم اليونسكو.
-منظمة العمل الدولية .
وارست دعائم حقوق الإنسان واللاجئين والمجاعات والاساء للطفولة .
((الأمم المتحدة )) ..
تأسست المنظمة الدولية من أجل أهداف أو ركائز ، حماية السلم والأمن في العالم ، حماية حقوق الإنسان، العمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
جاء اندلاع الحرب العالمية الثانية التي بدأتها المانيا بعد وصول النازية للسلطة في المانيا سبتمبر 1939 ، بمثابة دق اسفين في احد اهم اهداف ” عصبة الأمم ” ، ومن اهم اسباب الفشل
هو عدم انضمام الولايات المتحدة الأمريكية.
فكانت الحاجة لإنهاء الحرب بعدما انهكت الدول المشاركة فيها ، والتداعيات على العالم .
خلال ميثاق جديد تلتزم به الدول من أجل السلام .
اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر سان فرانسيسكو الأمريكية في يونيو 1945 .
وبعد عدة أشهر من انتهاء المؤتمر ، بدأت عملها رسميا في 24 أكتوبر 1945 ؛ وصادقت عليها فرنسا والاتحاد السوفييتي وامريكا والصين .
((ماذا قدمت الأمم المتحدة)) ؟
بنيت الأمم المتحدة على أجهزة رئيسية :
– الجمعية العامة التي تضم
” 194 ” .
– مجلس الأمن الدولي
الذي يضم 15 عضو ، منهم الخمسة الدائمون الذي
يملكون سلطة اتخاذ القرار
على بقية الدول ، بما يعرف حق النقد ” الفيتو ” .
والعشرة الآخرون فيتم انتخابهم من الجمعية العامة لمدة سنتين .
– محكمة العدل الدولية والتي تمثل احد اهم الأجهزة التحكيمية بين الدول في حالة المنازعات والحروب .
– الأمانة العامة للأمم المتحدة .
– المجلس الاقتصادي والاجتماعي .
للمتتبع لمسيرة الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم، بأنها واجهت صعوبات جمه وأهمها الحروب التي دارت في مختلف القارات ،
استطاعت العمل ما بعد استقلال العديد من الدول ، والتي انظمت للمنظمة .
وقامت بأدوار من خلال مؤسساتها الإنسانية والفنية والعلمية .
يمثل الدور السياسي من أصعب المهام التي واجهت وتواجه المنتظم الأممي ، منذ تأسيسها في ظل الحرب الباردة ، بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية، وانعكس ذلك على قضايا مهمة ، حيث الصراع من أجل السيطرة على العالم .
فقد حدث أزمات خطيرة ، ولعل اهمها ازمة “جزيرة الخنازير” والتي كادت ان تؤدي لحرب عالمية .
(( الأمم المتحدة والقضية الفلسطينية ))
تعد القضية الفلسطينية أقدم القضايا التي تواجه الأمم المتحدة ، وشكلت احد ملفات صراع النفوذ بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكي ، على الرغم من أن الاتحاد السوفييتي اول دولة اعترفت بالكيان الصهيوني في 17 مايو 1948 .
اما الولايات المتحدة فقد اعترفت رسميا بالكيان الصهيوني في 31 يناير 1949 .
فقد كان ” ستالين ” داعم للحركة الصهيونية في فلسطين ضد بريطانيا ، وفتحت باب الهجرة لفلسطين وقدمت الدعم العسكري للكيان الصهيوني .
وجاء عهد الرئيس ” نيكتا خرتشوف ” ليتغير الموقف وبدء الدعم لمصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 وسوريا في حروبها ضد الكيان الصهيوني، وتبني الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية قضايا التحرر في العالم ، وأهمها القضية الفلسطينية في إطار الحرب الباردة والتحالفات بين دول المنطقة التي ارتبطت بمعاهدة صداقة مع الاتحاد السوفييتي، والدول الخليجية التي ارتبطت بعلاقات مع الولايات المتحدة والغرب .
(( القرارات الدولية والقضية الفلسطينية ))
انشغلت الأمم المتحدة بمداولات واجتماعات خصصت للصراع العربي الصهيوني ، وصدرت عشرات القرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة ، وأهمها قرارات ” 181″ 1947 بشأن تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ،
القرار ” 194″ بشأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والذي قبله الكيان الصهيوني، كشرط
لقبول عضويته في الأمم المتحدة وفق القرار 242 / 1947 .
والقرار ” 242 ” بشأن الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة ، ولكن تم خذعة في الصياغة ، وكانت الانسحاب من أراضي محتله .
وقد لعبت الولايات المتحدة ادوار سلبية داخل مجلس الأمن الدولي عطلت مشاريع القرارات ، في قضايا وجرائم تدين الكيان الصهيوني، ومارست كافة اشكال الضغوط على الامناء العامون للمنظمة ، وعلى الدول من خلال استخدام ورقة التعاون والدعم الاقتصادي ، وقد استعملت حق النقد ” الفيتو ”
نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.
– الولايات المتحدة الراعي لعملية السلام وهي فاقدة للعدالة كوسيط نزيه
((الأمم المتحدة وضرورة التجديد ))
كان لتأسيس الأمم المتحدة غايات وأهداف تحمل تطلعات الشعوب، التي عانت من ويلات الحروب المدمرة والمجاعات ، وقد تأسست الدول الكبرى من خلال اعتمادها المصالح المشتركة ، على اساس الاحترام المتبادل والتنافس الشريف وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية ،
ويبدو أنها مجرد شعارات لتمرير مصالح الدول الكبرى ، دون النظر لبقية الشعوب.
فكان على الدول الكبرى ان تلتزم بالقانون الدولي ، وتعمل على نشر العدالة وحقوق الإنسان ومساعدة الدول الفقيرة في النهوض وتحقيق التنمية .
((الولايات المتحدة الأمريكية وعملية السلام ))
تعد الدولة الأكبر في العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، و تحمل شعارات الحرية والديمقراطية ، وحقوق الإنسان
وهي أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة .
وتلعب دور مهم في مختلف قارات العالم ، وتحديدا الشرق الأوسط، ومتعهدة بحماية الكيان العبري، وقد استخدمت حق الفيتو ، لإفشال القرارات.
ومنذ أولى جلسات مجلس الأمن وحتى فبراير/شباط 2024، استعملت أميركا حق الفيتو لصالح إسرائيل 45 مرة.
لقد رعت أمريكا عملية السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1978 ، بوساطة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ” هنري كيسنجر”
احد ابرز السياسيين في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية الذين يتمتعون بالدهاء والمكر،
وقد استطاع إنهاء الحروب في المنطقة بين مصر وإسرائيل وسوريا .
أطلقت أمريكا عملية جديدة للسلام في مدريد عام 1991 ، في عهد بوش الاب ، بمشاركة
سوريا ولبنان وفلسطين والاردن وإسرائيل .
ونعتقد بأن ذلك جاء بعد ثورة الحجارة التي أطلقها الشبان الفلسطينيين، ردا على جرائم الكيان الصهيوني وما يقوم به من انتهاكات وجرائم واستيطان .
وتبع المؤتمر مباحثات فلسطينية مع إسرائيل برعاية أمريكية ، لقاءات سرية في اسلو في النرويج عام 1991 ، وانتهت بالتوقيع في واشنطن سبتمبر 1993 في عهد الرئيس بيل كلينتون .
بينما فشلت المباحثات مع سوريا التي ادارت العملية بحنكه ودهاء لا يمكن خداعها، وطلبت بانسحاب إسرائيل كامل من الجولان المحتل مقابل السلام .
وتلى ذلك معاهدة وادى عربه مع الأردن في أكتوبر 1994 .
(( انحياز ودعم أمريكي للكيان الصهيوني ))
من الواضح بأن الولايات المتحدة الامريكية ، متعهدة بالدفاع عن الكيان الصهيوني، وبذلك لا يجوز ان تكون راعية لما يسمى بعملية السلام
،والتي اتضح بأنها عملية خداع للمواثيق والعهود الدولية .
(( طوفان الأقصى وكشف الحقيقة ))
واخيرا جاءت عملية طوفان الأقصى لتؤكد حقيقة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو ، التي أعلنت دعمها للكيان الصهيوني اللا محدود ، وبذلك سقطت كل الأوراق، وحقيقة حقوق الإنسان والعالم الحر .
وبأنهم لا يحترمون الشعوب ، وقرارات الأمم المتحدة ، وهم يرفعون حق النقض ويمتعون عن وقف العدوان والجرائم بحق الإنسانية، ويرفضون تطبيق القوانين الإنسانية.
فقد تأكد ذلك بعدما اتضح السلوك الصهيوني داخل الأمم المتحدة ، وتحديدهم ولعل آخرها، رفضهم لقرار محكمة الجنايات الدولية بحق رئيس الحكومة الصهيونية ” نتنياهو”
وتهجمهم على الأمم المتحدة وامينها العام “انطونيو غوتيريش ” بعدما أبلغ مندوبهم بوضع الجيش الصهيوني في قائمة قاتل الأطفال!
لقد صبحت الحاجة ملحة
لتأسيس منظمة دولية جديدة ،تعطي القرار للأعضاء الذين يشكلون رأى شعوب العالم .
لقد سقطت الولايات المتحدة الأمريكية اخلاقيا .
وانتصرت القضية الفلسطينية التي أصبحت، قضية الشعوب في كل أنحاء العالم ، وانتهت تراجيديا الصهيونية ، التي اتخذت من معاناتها ذريعة وسيفونيه يعزفون عليها ، لخداع الشعوب !