أخبار عاجلة

هل تعيد أزمة «باشاغا والدبيبة» سيف الإسلام للمشهد؟

عام بعد عام منذ أفول حكم أبيه في 2011 يُظهر الابن الثاني للرئيس الليبي الراحل “معمر القذافي” مزيداً من الطموحات السياسية، فبعد عدة سنوات من السجن، لايزال سيف الإسلام يريد قيادة البلاد التي حكمها والده. وعلى الرغم من أن تأجيل الانتخابات الرئاسية في  ديسمبر 2012 كان من الممكن أن ينحيه جانباً، إلا أن عودة الصراع بين اثنين من أثقل الشخصيات السياسية وزناً في البلاد (باشآغا والدبيبة) أعاد لنجل القذافي نشاطه السياسي وبدأ يستعد لجولة جديدة من المواجهة السياسية والعسكرية في ليبيا.

وتشير الأدلة إلى أن “سيف الإسلام” يخطط لتشكيل تحالف مع روسيا التي تعتبر لاعباً رئيساً في الأزمة الليبية، فقد ربطت روسيا بسيف الإسلام، وبوالده من قبله، علاقات مستمرة ولكن دون الانضمام، أو إعلان الانضمام إلى تحالف سياسي معهما.

في 9 مارس أعلن “أحمد قذاف الدم” وهو أحد مستشاري وأقارب سيف الإسلام القذافي عن تأييده للغزو الروسي لأوكرانيا، حيث قارن بين الوضع في ليبيا وفي أوكرانيا، الأمر الذي يرجح إمكانية مشاركة روسيا بصورة أكبر في الأزمة الليبية. بالإضافة إلى وجود أدلة على أن مبعوثي سيف الإسلام على اتصال مستمر مع الروس في محاولة للتفاوض على بناء تحالف سياسي بين موسكو وعشيرة القذافي. ولكن هذه المفاوضات قد تستمر لفترة طويلة، فمن ناحية، تعطي موسكو بالتأكيد الأولوية الرئيسية للحرب في أوكرانيا وليس للقذافي، ومن ناحية أخرى والتي تعتبر الأهم، أن مثل هذا التعاون قد يثير تساؤلاً منطقياً: ما الذي يستطيع “سيف الإسلام” أن يقدمه للروس حتى يغريهم بالتحالف معه؟
فبالإضافة إلى محدودية الموارد المالية لدى سيف الإسلام، لا توجد لديه أية قوة عسكرية قادرة على السيطرة على الأرض أو على استغلال الموارد الطبيعية المتاحة، فتبقى بذلك سمعة سيف الإسلام السياسية هي المورد الوحيد الذي يطالب من خلاله بالرئاسة، حيث يعتبر نفسه مرشحاً حاسماً لحل الأزمة الليبية. وحتى قبل ذلك، أشار العديد من المحللين السياسيين إلى أن الوعود المستقبلية هي الشيء الوحيد الذي يمكن للقذافي أن يبيعه لأي حلفاء دوليين محتملين، وبهذا فإن المراهنة عليه تعني نجاحاً باهراً أو فشلاً ذريعاً.
ويحذر الخبراء من أن الوضع في ليبيا قد يتحول مجدداً إلى نزاع مسلح، فالبلاد لا تزال تحتفظ بعدد كبير من المتنافسين الذين يسيطرون على الجماعات المسلحة. وفي غضون ذلك، لا يبدو أن حكومة الدبيبة تنوي التخلي عن طوحاتها، بل تعمل بجدّ على تطوير التعاون مع قطر، كما اتضح من الزيارة الأخيرة لنجلاء منجوش في 13 مارس. وهنا لابدّ من التذكير بالتعاون المشترك بين قطر وتركيا بخصوص خدمة مصالحمها الحيوية في ليبيا.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهد شهر فبراير عملية نقل مرتزقة أتراك إلى ليبيا، والذي قد يشير إلى تصعيد وشيك. وعلى خلفية هذا الخبر، أفادت مصادر ليبية بإعادة تجميع لقوات فاغنر في منطقة سرت، مما يعني انسحابها أو استعداها لحملة عسكرية جديدة. فمن المؤكد أن أي اتفاق محتمل بين القذافي وروسيا سيشمل بندًا مهمًا مثل استخدام مجموعة فاجنر، التي تمتلك قوات على مستوى عال من التدريب والتسليح.
هذا وتُظهر الحرب في سوريا أنه لولا التدخل المباشر للولايات المتحدة أو أوروبا، ماكان للقوات التي ترسلها تركيا أن تصمد في المواجهة العسكرية مع فاغنر.
ومثل هذا التحول يمكن أن يحول سيف الإسلام على الفور إلى أحد أقوى المنافسين في ليبيا. في الوقت نفسه، لابدّ من طرح السؤال الأهم: هل سيخاطر سيف الإسلام ببدء نزاع ما؟
يستغل سيف الإسلام الحنين إلى ليبيا قبل الحرب في زمن والده ، لكنه يحاول الابتعاد عن صورة الديكتاتور. وعلى الرغم من أن البدء بصراع قد يدمر صورته إلى الأبد، إلا أنه قد يحتاج إلى هذا التوازن العسكري والسياسي للضغط ببطء على خصومه.
على أي حال، فإن التقارب المخيف بين سيف الإسلام وروسيا على خلفية الصراع بين باشاغا والدبيبة قد يعني بداية وشيكة لجولة جديدة من الأزمة الليبية التي سيبقى الشعب الليبي الذي طالت معاناته هو الخاسر الرئيسي فيها.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى